تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ضمن عروض أفلام التحريك في الثقافي الفرنسي..«الطفل الذي أراد أن يكون دباً» بين الخيال والأسطورة

سينما
الأثنين 18-4-2011م
مانيا معروف

عبر ساعة وخمس عشر دقيقة يأخذك فيلم (الطفل الذي أراد أن يكون دباً) إلى عوالم مدهشة قد لا تحدث إلا في خيال الطفل، والفيلم الذي يندرج ضمن عروض أفلام التحريك التي شاهدناها مؤخراً في الثقافي الفرنسي

فيه من التأثير والجاذبية ما يجعلك تنشد إلى قصته التي تحمل بعدا إنسانيا تدخل فيه الموروثات الشعبية والعادات التي تدخل في نسيج الشعوب كافة حيث تشكل الأسطورة الجزء الأهم في حكاياتها التي يتداخل فيها الواقع بالخيال ليمنحاها نكهة خاصة وهالة من السحر، يتحدث الفيلم عن التقاليد الحقيقية المتداخلة مع التقاليد الخيالية عند شعب الأسكيمو التي يمتزج فيها بعض من تسميات هذا العصر والتي نحددها بمفهوم كالحداثة ورأي الآخر أو النظرة التي ربما تختلف عن نظرة آخر يسكن في مكان تختلف تضاريسه وتفاصيل حياته اليومية عنه، قد تختلف العادات وطقوس أدائها من مكان لآخر، فيكون الاختلاف الذي يمنح الأشياء نكهتها.‏

الفيلم فيه دعوة للتسامح ورؤية الآخر بعين أكثر إنسانية وتسامح دون اللجوء إلى العنف حيث يبقى للطبيعة حظوتها من خلال قيم ومفاهيم يركز عليها الفيلم وكأنها مؤشر على ما فعله الإنسان فيها الآن وفي زمن التطور حيث يأخذ الموت بعدا تأثيريا ورمزيا ربما يجعلنا نعيد حساباتنا ونظرتنا إلى جدلية الموت، هي قراءة عميقة لثوابت الكـــون عند كل الشعوب والحضارات حول ثنائية الموت والحياة، الفيلم شغف بالأسطورة من خلال قوانين الطبيعــــة التي تعتمد مبدأ الصراع والبقاء، ففـــي الفيلم وأثناء محاولة مجموعة من الدببة الهرب من قطيع ذئاب تضيــــع دبة صغـــيرة من أمها ويلجأ الأب (الدب) إلى سرقة رضيع من البشر لتربيه زوجته كبديل عن ابنتهـــا التي فقدتها في هجوم الذئاب، وهذه الأسطورة تتقاطع مع حكاية طرزان الذي ربته القرود حيث تكون الأمومة هي المعادل الموضوعي بين تلك القصص العالمية وبالعودة إلى الحبكة الفيلمية يكبر الطفل بين الدببة القطبية ويأخذ سلوكها لتمر السنوات ويعثر عليه والده فيعيده إلى البيت، ولكن من تربى في كنف الدببة كيف سيشعر في كنف أبوين من البشر، وهما الأقرب إليه، المفارقة أنه لم يشعر بالسعادة بل بغربة ووحشة بين البشر، والأمنية التي يتكئ عليها الفيلم هي:‏

أن يصبح دبا قطبيا، عالم قطبي ساحر تمتزج فيه لغة البياض عبر امتداد ثلجي لامتناه منح الفيلم خصوصية أكثر، شعوب الأرض في غرابة العيش القطبي، الفيلم ملئ بالسحر عبر موسيقا مرافقة من خلال قيثارة بأنغام ساحرة لتضفي بعدا آخر للسحر إضافة لتأثيرات اعتمدت الماء التي يعكس الثلج عليها ضوء القطب وغموضه، الفيلم يحمل عمقا إنسانيا يوضح مفهوم العلاقة الحقيقية بين الإنسان والطبيعة التي من خلالها نكتشف ذواتنا المختبئة ربما خلف بياض الثلج القطبي.‏

المخرج اعتمد في الفيلم الاقتباس السينمائي مستلهما من حكايات الاسكيمو، أسطورة ترويها الأمهات هناك لأطفالهن، ليؤسسوا علاقة لغزية بين الطفولة والانتقال إلى مرحلة النضج والسؤال: عن ماهية الحياة والموت.. الفيلم من إخراج يانبك آستروب.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية