|
هآرتس وتقصيه من عضوية الكنيست. وبذلك سيكون أمام سبيلين لا ثالث لهما إن وضعت الأمور في نصابها، وقيست بميزان العدالة بعد أن أصبح من المتعذر على الجميع الاستمرار بالتجاهل المتعمد لما أثير من تهم تستدعي بالضرورة من كل من السلطة القضائية والهيئة التشريعية ومجلس الوزراء التدخل لاتخاذ الإجراءات المناسبة في معالجتها. لقد نسب وزير الدفاع عدداً من التهم إلى الرئيس السابق لهيئة أركان الدفاع الإسرائيلي من حيث ضلوعه في ارتكاب 10 جرائم جنائية مختلفة منها إتباعه أسلوب الاحتيال، الإخلال بالثقة المعطاة له، تقديم الرشاوى وتلقيها، المساهمة في رشوة الغير، والتآمر الهادف إلى عرقلة سير أعمال الحكومة، وتلك الأمور ليست في واقعها إلا أنموذجاً عما يكنه وزير الدفاع من كراهية وحقد بحق رئيس هيئة الأركان حيث نجده في الوقت الحاضر يوجه أصابع الاتهام إليه باعتباره القائد العسكري الأعلى في البلاد وفي عهده تم ارتكاب أشنع الجرائم التي حدثت عبر تاريخ الدولة الإسرائيلية، حيث كان هذا الرجل على رأس قوات الدفاع الإسرائيلية على مدى أربع سنوات خطط ونفذ خلالها الحرب على قطاع غزة واتخذ قرارات خاطئة أفضت إلى إحداث تغيير في حياة الجنود الإسرائيليين، لذلك يتعين النظر إليه باعتباره مجرماً يستحق العقاب. يبدو أن كل ما أثير من تهم لم تشف غليل باراك لذلك طلب من محاميه «قبل حوالي أسبوعين» أن يتقدم بمذكرة إلى النائب العام للحكومة يبين بها بأن الأمور المثارة على رئيس هيئة الأركان لا تقتصر على موضوع تزوير الوثائق والتآمر لعرقلة عملية اختيار من يخلفه في رئاسة هيئة الأركان تلك الجريمة التي أقر اشكنازي بارتكابها، بل إنها تشمل عدداً من المسؤولين من ذوي المواقع الرفيعة الحساسة الذين آزروه في ارتكاب تلك الجرائم بتوجيه منه باعتباره يمثل رأس الهرم في القيادة العسكرية، تلك الجرائم التي تتضمن التآمر والقيام بتصرفات تفضي إلى عرقلة أعمال الحكومة وسير العدالة على حد سواء، وقبول الرشاوى وإعطائها بهدف إسناد مناصب ذات أهمية في جيش الدفاع الإسرائيلي. في بيان صدر عن مكتب باراك أشير إلى وجود أدلة قاطعة على خطورة الأفكار والتوجهات التي تحملها مجموعة صغيرة تشكل رأس الهرم لقوات الدفاع الإسرائيلية، ويؤازرهم عدد من المدنيين الذين يوجهونهم دون أن يكون لهم من دور ظاهر في إدارة البلاد، حيث اتخذت تلك المجموعة إجراءات مناهضة لزعمائهم في القيادة السياسية وضد مرؤوسيهم. وبعبارة أخرى فإن ارتكاب الجرائم لم تقتصر على رئيس هيئة أركان الدفاع فحسب بل آزره في ارتكابها مسؤولين رفيعي المستوى في جيش الدفاع الإسرائيلي ويشغلون مواقع هامة في هيئة الأركان العامة. ومازال أولئك المسؤولون قائمين على رأس أعمالهم بعد انتهاء دور اشكينازي. هذا وإن صحت تلك الاتهامات فإنها لا تقل خطورة عن انقلاب كيريا. لم يعد الأمر مقتصراً على ما يسمى بوثيقة هارباز أو ما فعله رئيس هيئة الأركان السابق أو ما لم يفعله، وبغض النظر عن نتائج التحقيق الذي يجريه مكتب مراقب الدولة في هذا الموضوع فإن تقرير المراقب لن يكون له الكلمة الأخيرة، ذلك لأن التحقيقات التي تجريها الشرطة فقط هي الوحيدة ذات الأهمية في بت تلك القضية التي تعتبر من أسوأ القضايا التي مرت بها المؤسسة العسكرية الإسرائيلية. وبناء عليه يتعين على النائب العام يهودا وينشتاين الاعتراف بأنه من المتعذر إخفاء الحقيقة عن الشعب وعليه إعطاء الأوامر بإجراء تحقيق جنائي، وبذلك فإن باراك الذي سمح للجني بالخروج من القمقم لن يستطيع إعادته إلى داخله مرة أخرى. في حديث أدلى به بيني جانتز قبل أن يعهد إليه برئاسة هيئة الأركان أشار إلى قضية هارباز واعتبر بأن مثلها مثل جثة نتنة فاحت رائحتها وعمت سائر أرجاء المبنى، لذلك أكد على ضرورة تحري تلك القضية بكافة أبعادها ودقائقها ووقائعها وإظهار الحقيقة ساطعة أمام الشعب، كما يتعين أيضا تهوية مقرات هيئة الأركان العامة وتنظيفها من الروائح النتنة التي سادت بها على مر عدة سنوات. أما الآن وقد أصبح جانتز القائد الأعلى فيتعين عليه اتخاذ الإجراء المناسب حيال نشر الحقيقة. وبغض النظر إن عمد وينشتاين أو أمر بإجراء التحقيق الجنائي أم لا فإنه يجب على جانتز إعطاء الأوامر العسكرية إلى داني إفروني للطلب من الشرطة العسكرية بالتحري والتقصي في الادعاءات الجنائية التي أثارها باراك وحتى يتم اتخاذ تلك الإجراءات فستبقى الرائحة النتنة تفوح من مستنقع الفساد في قاعات هيئة الأركان العامة. لم تعد المعركة بين وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان السابق مقتصرة على استعادة الهيبة والمصداقية لأي منهما، وإنما هي الآن معركة من أجل صحة وسلامة الديمقراطية الإسرائيلية. وإن الفشل في التعاطي مع الاتهامات غير المسبوقة التي وجهها باراك سيعطي مؤشراً على أن ديمقراطيتنا قد أخذت بالتراجع نحو الوراء لتنزلق في منحدر ليس له من قرار. بقلم: روفن بيتداتسور |
|