تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


وللحصاد الخيّرِ شحذنا مناجلنا.. وهممنا..!

مجتمع
الأثنين 28-5-2012
غانم محمد

تزبدُ الرياحُ في الخارجِ، ويحاول الغبارُ أن يحتلّ نوافذَ الوطن، وأن يعنونَ صباحاتنا بلونه المزعج، ولكن هيهات، فاللوز من قبلُ أزهرَ وأينعَ، والأقحوان فرش بساطه الأصفر كما هي عادته كلّ عام، وأشجار الزيتون ماستْ بخيرها،

وها هم الحاصدون يشحذون مناجلهم وهممهم استعداداً لموسم الحصاد وقد جهّزوا أغنياتهم أيضاً على شكل زوّادة مزدحمة بالخير والمواويل..‏

نعم، بكينا من كثير الحزن فينا، دماءً لا دموعاً قد بكينا، ولكن الحياة المزروعة في أعماقنا تمسح الدمعَ من مآقينا..‏

نعشق الحياةَ، ونعرف كيف نضخّ في شرايينها من دفء أحاسيسنا وصدق مشاعرنا، فتمضي بنا مجداً على مجد، وسؤدداً يشق طريقه واثقاً وإن كثرت آلام المخاض!‏

سألتُ عجوزاً في الثمانين من عمره مصرّاً على زراعة ما فرغ من أرضه بأشجار الزيتون ورعاية وتقليم ما هو موجود منها: لماذا تتعب نفسكَ وأنت في هذا العمر؟ فضحك العجوز وقال: أنتَ متعلّم يا أستاذ وتعرف أكثر مما أعرف أن الحياة يجب أن تستمر حتى آخر يوم من عمر كلّ منّا، زرع آباؤنا فأكلنا ونزرع حتى يأكل أبناؤنا وأحفادنا وأضاف: لديَ ولدٌ في الجيش وآخران موظفان في دمشق، والأرض كالولد إن لم تهتم بها وتعتني بتربيتها فلن يكون مردودها جيداً، أوصي أولادي بالإخلاص للوطن وأعمل بالنيابة عنهم في أرضهم لأعزز صمودهم في خدمتهم للوطن..‏

كلامٌ جميلٌ يعيه كل السوريين ويؤمنون به، ولأنهم هكذا فإن سورية عصيّة على الأخذ، منيعة من الداخل، قوية بوعي أبنائها..‏

ولأنهم هكذا، فإن سورية تحكّمت بكلّ تناقضات العالم وجنّبت أبناءها كوارث أخطر عدوان تتعرض له..‏

ولأن سورية والسوريين هكذا، فقد تحطمت على شواطئها النوائبُ المعلّبة والمصدّرة إليها بمباركةٍ ممن ظنناهم أشقاء يتداعون لوجعنا بالسهر والحمى..‏

القمح ينادينا في سنابله التي سجدت لله شاكرةً نعمه، والزوادة أصبحت جاهزة وخلال أيام تجلجل الأغاني حقول الذهب كما صدحت الإصلاحات قبل أيام في صناديق انتخابات مجلس الشعب وما أحلاكِ يا بلدي.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية