تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الوشـــــــم..تقليـــد أعمــــى.. أم اضطـــــراب سلوكـــي؟!!

مجتمع
الاثنين 11-4-2011
ابتسام هيفا

عرف الوشم منذ آلاف السنين واستخدمته الشعوب القديمة لعدة أغراض في الماضي، واستخدمه العرب كوسيلة للزينة وللتجميل ورمز للتميز في الانتماء إلى القبيلة، واستخدمه المصريون القدماء كعلاج ظناً منهم أنه يمنع الحسد.

وارتبط الوشم بالديانات الوثنية التي انتشرت شرقاً وغرباً كحامل لرموزها الدينية وأشكال آلهتها، كما استخدم كتعويذة ضد الموت وضد العين الشريرة وللحماية من السحر، كما عرفته العقائد البدائية كقربان لفداء النفس أمام الآلهة،‏

أما الوشم كتعريف فهو ثقوب تحدث في الجلد تضاف إليها بعد حصول النزف مواد وأصباغ تكسبه ألواناً ثابتة تدوم لفترات طويلة.‏

وهنا يبقى السؤال الذي يطرح نفسه بقوة لماذا الوشم وما الفائدة منه؟‏

يرى باسل محلا سنة أولى تجارة أن الوشم هو للحصول على جسم أجمل أو صورة أبهى للذراع أو الجسد، أو للفت الانتباه إلى مكان وجود الوشم وإبراز القوة والصلابة، حيث إن الوشم يعبر عن قوة الشخصية,وخصوصاً إذا حمل معاني ودلالات مرعبة كصور الأفاعي وغيرها.‏

سموءل أيوب سنة ثانية حقوق يعتبر أن الوشم يعتبر تخليداً لذكرى معينة تحمل في نفس الواشم أثراً كحب جارف وذلك بتحميل بعض الرسوم كتابات معينة أو الاكتفاء بالكتابة أو بوشم شكل يحمل صورة تعبر عن هذه الحالة.‏

ويخالفهم الرأي محمد رمضان سنة أولى طب بشري ويعارض هذه الآراء ويعتبرها نوعا من الاختلال النفسي وتقليداً لنجوم الأغنية الصاخبة وعبدة الشيطان وغيرهم ممن تظهرهم شاشاتنا بصورة أبطال ونجوم، فيأتي منا التقليد لتلك الأمثلة دون التفكير في معاني ما يحملون على أجسادهم، والبعض يعتبرها تغيرات تطرأ على شخصية الموشوم تجعله يأتي على هذا النوع للتعبير عن سخطه وتميزه في المجتمع.‏

وتضيف لانا الصفدي سنة ثانية أدب انكليزي قائلة: انتشرت ظاهرة الوشم في أوساط الشباب في الآونة الأخيرة، وأصبحت تتطور بصورة تتلاءم مع الموضة والأزياء، كما امتدت أهمية الوشم عند البعض ليصبح رباطاً بين المحبين يشبه رباط الزواج، حيث يكتب المحب اسم حبيبته وأحيانا يرسم صورتها على جسده كدلالة على حبه لها، وخاصة أن ما كتبه ورسمه يصعب إزالته إلا بماء النار أو بإجراء عملية بالغة الخطورة.‏

مولع بالوشم..‏

وسيم المصري سنة ثالثة أدب فرنسي يقول عن نفسه إنه مولع بالوشم وبرأيه أن الأمر طبيعي ولا يعرف لماذا يرفضه بعض الناس، ويضيف: الوشم له معنى في نفسي وحتى ولو لم يره الآخرون، كما أنني أعبر به عن شيء لطالما رغبت فيه وهو القوة الخارقة من خلال صورة الأفعى، وهذه الصورة تشعرني براحة نفسية .‏

ويضيف: إن التقدم العلمي سهل عملية إزالة الوشم بأشعة الليزر، الأمر الذي يسر علينا تغيير رسوماته.‏

بينما تقول سارة مقداد وخطيبها زيد حربا وهما في كلية التربية: ذهبنا أنا وخطيبي إلى مركز التجميل لكتابة اسمينا بالوشم على كتفينا،وتضيف فكرنا في هذه الصرعة كدلالة على حبنا وارتباطنا الشديد، وأن الموت هو الشيء الوحيد الذي سيفرقنا، وإن كتب علينا الفراق فلتكن ماء النار هي التي تمحو ذكرياتنا.‏

رأي الطب..‏

يرى الطبيب سمير عيسى الاختصاصي في أمراض الجلد أن الوشم من الناحية الطبية له أنواع، فهو إما وشم بسبب الحوادث والجروح ويأتي نتيجة اختلاط الدم بالتراب أو غيره خلال التعرض لجرح فيترك ندبة أو أثراً دائماً، ووشم الهواة وهو وشم من شخص غير محترف، والوشم الاحترافي الذي يقوم به غالباً فنان في رسم الوشم. أما بالنسبة لاستخدامه في الطب فالوشم عرف طبياً على أنه أحد أساليب التجميل التي تأتي لإخفاء آثار الجروح أو الحروق في أماكن معينة من الوجه أو كنوع من الزينة الدائمة التي تستخدمها النسوة لرسم الحاجبين وحول الشفاه والرموش أو لتلوين المناطق البيضاء في الجلد المصاب بالبقع البيضاء بلون الجلد.‏

أثره السلبي على الصحة‏

إن استخدام الوشم ينطوي على مخاطر منها: إمكانية الإصابة بسرطان الجلد والصدفية والحساسية التي تحصل في الجلد في بعض الحالات والالتهاب الحاد بسبب التسمم وخاصة عند استخدام صباغ صنع لأغراض أخرى كطلاء السيارات أو حبر الكتابة، وسوء التعقيم الذي يؤدي إلى انتقال العدوى بأمراض الالتهاب الكبدي وفيروس الإيدز والزهري، وقد تصل إلى التأثير في الحالة النفسية للموشوم فتؤدي إلى تغيرات سلوكية في شخصيته.‏

أما طبيعة المواد المستخدمة فهي ملونات ذات أصل حيواني ومساحيق من الكحل والفحم وعصارة النباتات أو أكسيد المعادن كالحديد والكوبالت، وهنا تكون الطامة الكبرى لأن الموشوم لا يدرك أن البقع والألوان المستخدمة في الوشم هي مواد خاملة، لذلك فهي تصبح جزءًا دائماً من مكونات خلايا البشرة، وأن إزالة هذا الوشم توجب إزالة هذه الخلايا في حال قرر مستقبلاً ذلك، وهذه العملية تتم إما باستئصال الجلد في منطقة الوشم أو بصنفرة البشرة وخاصة السطحي منها، وهذه الطريقة يؤخذ عليها احتمال ابيضاض المنطقة المعالجة بها، والإزالة باستخدام الليزر أو بعمل رسم فوق الوشم الأصلي غير المرغوب به إما بالجراحة أو بوشم احترافي، وأخيراً بطريقة كيميائية كاستخدام الغبار الكالدوني أو سائل الآزوت.‏

ظاهرة خطيرة‏

بحسب رأي علماء الاجتماع أصبح الوشم ظاهرة خطيرة انتشرت بين الشباب في محاولة للتقليد الأعمى لأهل الفن سواء كانوا من المطربين أم الممثلين المحليين أم العرب أم الأجانب.‏

وإن سبب لجوء الشباب إلى الوشم يعود إلى أسباب عدة من بينها الفراغ القاتل وعدم إحساسهم بالثقة والأمان من حولهم بالإضافة إلى عدم وجود ثقافة قومية ودينية، وعدم شعورهم بقيمة الحياة، ولهذا فالمسؤولية تقع على الآباء قبل الأبناء لانشغالهم عن أبنائهم وعدم متابعتهم ومراقبة سلوكياتهم.‏

وبحسب الدراسات الحديثة تم الربط بين الوشم والاضطرابات النفسية والسلوكية للواشم، حيث وجد أن أغلبية الأشخاص الذين يقدمون على الوشم مصابون باضطرابات سلوكية وانحرافات ومشكلات نفسية.‏

روعة ديوب صاحبة صالون تجميل تقول إن أعمال زبائنها الشباب من الجنسين يقبلون على رسم الوشم وإن كان الذكور أكثر من الفتيات، كما أن الكتف أكثر أماكن الجسد التي يوشم فيها وأحيانا البطن والصدر، وتتراوح أعمار زبائننا من 14 إلى 35 سنة، أغلبهم من الطبقة الغنية بالمجتمع ممن يلهثون وراء الموضة.‏

وأوضحت روعة أن الموضة المنتشرة الآن بين الشباب من الجنسين هي رسومات الحب الجارف وكتابة أسماء الحبيب للتأكيد على الارتباط الأبدي.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية