|
أبجد هوز ولعل اليابان ليس من ضمن أحلامها أن تكون دولة عظمى على غرار الولايات المتحدة الأميركية أو الاتحاد السوفييتي السابق، ولعلها لا ترى العظمة بالتحرش بالآخرين وبسط النفوذ والهيمنة على الأمم والشعوب، ولكن اليابان هي دولة عظمى بما حققت في مجال العلوم والرفاهية لشعبها ومستوى دخل الفرد، والمعروف عن السمة التي يتصف بها اليابانيون هي حب العمل لدرجة الولع المبالغ به.. وبسبب ولعي بالتدخل بشؤون الآخرين فإنني دائماً أتأمل هذا الياباني الذي يحظى بدخل مادي مرتفع، ترى هل يجد الوقت لصرف ما يجنيه من المال؟.. وإنه بسبب إدمانه على العمل فهل يتاح له التمتع بملذاته الشخصية، من الذهاب إلى المقاهي والنوادي الليلية، أو لعب طاولة الزهر وورق الشدة وما سواها من متع التسلية؟ وهل لديه الوقت لمواعدة حبيبته في الكافتيريا، أو شراء كتاب أحلى رسائل الحب والغرام لينقل منه ما يحلو له من تلك الرسائل وارسالها للحبيبة أو ارسال رسائل «SMS» من موبايله إلى موبايلها. لعلي شطحت عن الموضوع، وتدخلت فيما لا يعنيني بأشخاص تفصلني عنهم آلاف الأميال، لكن أحداً لا يستطيع أن يبعد عن فكره الكارثة التي حلت باليابان، ولا أقصد الزلزال فكوارث الطبيعة قد تكون مزحة غليظة من الكرة الأرضية، لا تدوم أكثر من ثوان معدودة تخلف بعض الضحايا والدمار وينتهي الأمر، غير أن الكوارث التي يصنعها الإنسان منذ بداية تاريخه، يجعلنا حين نقارنه بقسوة الطبيعة، ندرك كم هي رحيمة تلك الطبيعة حتى في أقسى حالاتها، وأن الإنسان كلما تقدم به العلم، كلما تفنن في وسائل الدمار لنفسه وللبيئة وللمناخ ولسائر الكائنات الحية. الزلزال الذي حدث في اليابان، قد لا يتجاوز أكثر من ضحايا اصطدام باص وسيارة غير أن مفاعل يوكوشيما الذي قد يكون لأغراض سلمية، ومصادفة كان موقعه في طريق الزلزال، فإنه قد أحدث الكارثة التي «ولسنوات طويلة» ستعاني المنطقة من آثارها... فأي هوس لدى الإنسان في استخدام عقله وصرف الأموال على ما يجلب إليه الكوارث؟! ثم يتباهى أنه وحده دون سائر المخلوقات من يحمل الفعل المبدع الخلاق. |
|