تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الفيتو الأميركي ... والانحياز الأعمى لإسرائيل !

شؤون سياسية
الأثنين 28-2-2011م
حكمت العلي

قد لايكون الفيتو الأميركي الجديد مفاجئاً لأحد ضد مشروع قرار عربي قدم لمجلس الأمن الدولي لإدانة الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة إلا لأولئك الذين لايزالون يراهنون على السياسات الأميركية في المنطقة (وعدالة واشنطن المفترضة) حيال القضايا العربية ومشروعيتها

بالرغم من إعلان إدارة أوباما أكثر من مرة معارضتها لأعمال الاستيطان الذي جمد ظاهريا لمدة ستة أشهر سابقة وبقي عمليا بل وتزايد خلال فترة التجميد ولترفض دولة الاحتلال مواصلة التجميد بالرغم من كل الضغوط التي قالت واشنطن إنها مارستها لثني دولة الاحتلال عن هذه الخطوة في مسرحية حاولت كل من واشنطن ودولة الاحتلال لعب بطولتها أمام المجتمع الدولي ولكن فصولها كانت واضحة للجميع لرداءة التمثيل ومعرفة كل الأطراف المعنية بحقيقة النوايا المشتركة لهما في كسب المزيد من الوقت ، ومحاولة الحصول على تنازلات جديدة من بعض الأطراف الفلسطينية ووقف المطالب الفلسطينية المشروعة عند حد وقف الاستيطان ونسيان القضايا الكبرى المختلف عليها مع كيان الإرهاب وفي مقدمتها الاحتلال وحق العودة وحدود الرابع من حزيران عام 1967 والحق في دولة فلسطينية عاصمتها القدس تكون ذات سيادة ومعالم واضحة.‏

الموقف الأميركي باستخدام الفيتو مجدداً في قضية لطالما قالت إنها وقفت ضدها ليس بالمستغرب فهذه هي حقيقة واشنطن التي حاولت على مدى السنوات السابقة المتاجرة بها لحساب إسرائيل ضد الحقوق الفلسطينية المشروعة ومن هنا يمكن فهم الموقف الأخير لهيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الذي وصف الاستمرار بالمطالبة ببعض الحقوق التي كفلتها القوانين الدولية للفلسطينيين ومن ضمنها حق العودة ومنع الاستيطان وغيرها بأنها باتت غير ممكنة ومن الأفضل عدم المطالبة بها!‏

الفيتو الجديد يؤكد حقيقة انحياز الإدارة الأميركية ودعمها لسياسة الاستيطان والعدوان على الفلسطينيين رغم ادعائها كذبا معارضتها له وهو يدل على وجود تنسيق ومشاورات بين الاحتلال والإدارة الأميركية وبأن العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني وأرضه يتم بموافقة أميركية وبالتالي يتضح عدم نزاهة واشنطن المزعومة في الوساطة بين الطرفين كما يدل على استهتار واشنطن بالمجتمع الدولي عامة وبحقوق الشعب الفلسطيني حيث جاء الفيتو الأميركي منفردا في مواجهة /14/ دولة صوتت لصالح القرار مايدل بشكل واضح على عقم الرعاية الأميركية لعملية السلام وانحيازها لصالح الاحتلال ويشجع حكومة الاحتلال على مواصلة سياستها الاستيطانية ورفض كل الدعوات الداعية لوقف الاستيطان ويكشف أمام الشعب الفلسطيني وجميع الشعوب العربية زيف ادعاءات الولايات المتحدة بأنها مع حق الشعوب العربية في الحرية والديمقراطية في حين هي حامية وداعمة لإسرائيل في مواصلة استيطانها واحتلالها للأرض الفلسطينية والعربية وخاصة الأراضي المحتلة عام 1967.‏

مرة جديدة تؤكد واشنطن انحيازها إلى جانب التوسع الاستيطاني الإسرائيلي ونكران حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وبناء دولته على أرضه فيما يفترض بالولايات المتحدة ومجلس الأمن أن يكونا أداة للضغط على دولة الاحتلال لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية والقوانين الدولية وهو مايثير التساؤلات حول ماهية السلام الذي تدعي واشنطن بأنها ترعاه بين المحتلين والفلسطينيين وصورة الدولة الفلسطينية الموعودة ومشكلة تهويد القدس ونكران الحق الفلسطيني فيها في الوقت الذي تواصل فيه سلطات الاحتلال بناء المستوطنات وهو الأمر الذي يشكل عقبة رئيسية في وجه أي محادثات للسلام بن المحتلين والإسرائيليين خاصة مع تواصل التصعيد الإسرائيلي الممنهج لتهويد الأراضي والأماكن الفلسطينية وخاصة مدينة القدس المحتلة وضواحيها حيث تقوم بالاستيلاء على بيوت وعقارات المقدسيين وتستمر بعمليات الحفر والهدم وتغيير المعالم الجغرافية في جبل المكبر وأحياء البستان وسلوان والشيخ جراح والعيسوية وفي البلدة القديمة ومحيطها وحول المسجد الأقصى المبارك وتصعد من الاقتحامات والمداهمات والاعتقالات والاعتداءات اليومية على أماكن العبادة والمصلين فيها بالترافق مع تخصيص ميزانيات ضخمة لتنفيذ مخططات التوسع الاستيطاني والتهويد والتمييز العنصري خلافا لكل الشرائع الإلهية والاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي منعت المساس بحريات الآخرين ومقدساتهم ومايشجع دولة الاحتلال على هذه الخطوات هو الصمت الدولي المتواصل على جرائمها بحق الشعب الفلسطيني التي طالت كل مقومات وجوده ومقدساته وحياته.‏

هذه السلسلة المتواصلة من أعمال التهويد تخالف أبسط الحقوق المتعارف عليها وهي عدم جواز الاحتلال والسيطرة على أملاك الغير بالقوة ولعل مايتعرض له المسجد الأقصى من جرائم مستمرة هي أبشع انتهاك للقانون الدولي والاتفاقيات والشرائع التي تكفل حق الشعب الفلسطيني بالعبادة والحفاظ على مقدساته وما تشهده باحات المسجد من اقتحام من قبل شرطة الاحتلال ومستوطنيه يدل على أن لانية لهذا الكيان الإرهابي في إقامة السلام العادل والشامل الذي يعيد الحقوق لأصحابها الشرعيين والتي يأتي في مقدمتها الانسحاب من الأراضي المحتلة وأن تكون القدس عاصمة للدولة الفلسطينية الموعودة ولكن الذي يجري على أرض الواقع يدل على أن تهويد المدينة بات استراتيجية ثابتة تعمل عليها سلطات الاحتلال منذ احتلالها لفلسطين... فكيف تهود المدينة وفي ذات الوقت يجري الحديث عن السلام وهو ما بات معروفا بأن لاسلام دون عودة الحقوق وأن خديعة الدعوة اليه إعلامياً وسياسيا ومحاولة ايهام دول العالم برغبة دولة الاحتلال بإقامة السلام لم تعد تنطلي على أحد ، إلا على أولئك الذين يريدون تصديق الأكذوبة والضحك على أنفسهم بقبول هذه الحقيقة أو أنهم متواطؤون على القضية الفلسطينية بشكل أو بآخر فما هي ماهية السلام الذي تحاول واشنطن إحياءه في الوقت الذي تبادر فيه إلى استخدام الفيتو بشكل سافر ضد أبسط حقوق الفلسطينيين وهو منع الاستيطان في أراضيهم وعلى ممتلكاتهم؟!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية