|
شباب فالطفولة المبكرة نالت نصيبها من الاهتمام وكذلك المرأة والشباب وخاصة الأخير من خلال طرح مشروع غاية في الأهمية حمل عنواناً عريضاً في مفهوم الاستراتيجية الوطنية القائمة على دعم الشباب السوري بمختلف الأدوات على جميع الصعد. فكانت الدراسات التحليلية المعمقة كما أريد تسميها بمفهوم التمكين الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والمعرفي، حيث كل جانب أسقط جملة من المعطيات على واقع معيش في بيئات مختلفة من المجتمع المترامي الأطراف، وإذا ما أخذنا التمكين الاقتصادي للشباب والذي أشرنا إليه أكثر من مرة وتحت عناوين مختلفة فإننا نشير في هذه المادة إلى إحدى المفردات التي اعتمدها البحث في تصنيف الشباب لمستوى معيشة أسرهم كمقاربة للتعرف على ماهية تصنيف الشباب ذكوراً وإناثاً لهذا المستوى وإبراز الأثر من ناحية التمكين الاجتماعي والصحي والتعليمي والمجتمعي للشباب، حيث تم تصنيف المستويات المعيشية للأسر إلى خمسة مصادر للدخل، مرتفع جداً، مرتفع، متوسط، منخفض، منخفض جداً. فكانت النتيجة التي أظهرتها الدراسة التي أعدتها المهندسة ميساء الميداني مديرة برنامج الحد من الفقر في هيئة تخطيط الدولة وحررها وراجعها الدكتور كريم أبو حلاوة الأستاذ في جامعة دمشق أن النسبة الأعلى من الشباب العاملين وغير العاملين يرون أسرهم متوسطة الدخل وفق أربعة نماذج: الأول يشير إلى أن النسبة الأكبر من الشباب غير العاملين ترى أسرتها متوسطة الدخل ونسبة هؤلاء 65.7٪ يليها 18.8٪ ممّن اعتبروا أسرهم منخفضة الدخل، وهو ما يفسر أحد أسباب عدم لجوء النسبة العظمى من هذه الفئة إلى العمل بسبب قدرة أسرهم على إعالتهم وتمكينهم من متابعة تحصيلهم العلمي. فيما النموذج الثاني من الشباب العاملين يظهر أن دخل أسرهم متوسط إذ تتراوح النسبة 24.3٪ وهم من شريحة الدخل الثانية أي بين 4000 و8000 ل.س شهرياً. وتعتبر هذه الشريحة من الشرائح المنخفضة الدخل والمرجعية في ذلك حسب معطيات الدراسة هو المقارنة بقيمة الدخل المفترض تأمينه لتمكين الأسرة من الإنفاق على المواد الغذائية وغير الغذائية لتصبح فوق خط الفقر وهو بحدود 8160 ل.س شهرياً لعائلة مؤلفة من 5-6 أفراد وذلك لعام 2004 بحسب دراسة تشخيص الفقر في سورية لعام 2005. مستوى التعليم والعمل وفيما يخص علاقة المستوى التعليمي بحالة العمل فإن التحليل الكيفي لهذه العلاقة يبرز ما هو قائم من حراك في سرعة التغيرات التي يشهدها العصر وحاجة سوق العمل إلى أفراد يتمتعون بمهارات متخصصة، كإتقان العمل على الحاسوب واللغات الأجنبية، كل ذلك جعل بعض الشباب يقتنعون إلى حد ما بعدم جدوى التعليم، إذا أخذ بالحسبان أن أغلبية المؤسسات التعليمية الرسمية لاتزال قاصرة أو مقصرة في إكساب المتعلمين المهارات الفنية والعملية اللازمة لامتصاصهم من قبل سوق العمل. وانطلاقاً من العينة المبحوثة في الدراسة المعمقة فثمة اقتراحات وحلول وآليات قدمها الشباب المشاركون من أبرزها زيادة الاهتمام بالتعليم الفني والمهني واستخدام الوسائل المتاحة كلها بغية توجيه عناية المجتمع واهتمامه لهذا النوع من التعليم. والأمر الثاني هو تضافر جهود جميع مؤسسات الدولة من أجل تعديل الاتجاهات السلبية في المجتمع نحو بعض المهن غير المقدرة اجتماعياً ومادياً بالقدر الكافي ورفع مستوى الوعي بأهميتها وضرورتها، مع الدعوة أيضاً لإدخال مقرر التربية المهنية في المدارس وتفعيل دور المرشد النفسي في عملية التوجيه المهني، حيث يعد توفير المعلومات حول مختلف المهن الموجودة واختبار الميول والقدرات العقلية والجسدية والحركية أمراً في غاية الأهمية لمستقبل مهني أكثر تطوراً. وأشارت الدراسة إلى أن من أهم ملامح الفئات العاملة العامة هي المستوى التعليمي للفرد بالدرجة الأولى لأن التعليم يوسع الخيارات أمام الفرد ويتيح له إمكانية الحصول على فرص أكثر للعمل والعكس صحيح حيث يعد تدني المستوى التعليمي أو عدم توافر المهارات السبب الأساسي في اختلالات سوق العمل في سورية وهذا ناتج كما ذكر آنفاً عن اعتماد سياسات تعليمية ناقصة لا تعتمد على رؤية واضحة ولسنوات عديدة أهمها اعتماد سياسات الاستيعاب الكمي دون مراعاة الكيف أو الرغبة الشخصية للأفراد في منتج التعليم بدلاً من سياسة الاحتياجات الفعلية للقطاعات الاقتصادية والاجتماعية وتطوير نوعية التعليم، وخاصة في التعليم المهني وبالمرحلة الجامعية مع ملاحظة ضعف توجيه الأفراد نحو اختصاصات تؤمن تنوع المهارات وتفردها. |
|