|
دمشق وتخلف لي جرحاً ملتهباً، فالجرح يبكي فأتفتح كزهرة كاد الشحوب يمتص ألوانها، وأحلامي تندثر وتتوارى وتعتم الرؤيا فأهرول مع السنين بلهفة الحيارى، أبحث عن صدر يحتويني بلطف ويد تشدني بعنف، أبحث عن زمن آخر يوصلني إلى عالم منشود. لأن العالم تعرى من رموزه والجمال دفن في مقبرة التاريخ والحق تبعثر بالانحناءات خجلاً، أما الخير فبقي تحت جدران الزمن متصدعاً، كل القيم العذراء تخبطت في غبار الآتي الملبد، وشمس النهار انطفأت ورفة الفجر بين الأجفان باتت أعجوبة الأعاجيب، فلم أجد سوى أن أتوجد بالوجد لأمتص القلق والرغبة وأوصد باب وحدتي، وأطمئن بذاتي إلى ذاتي، فأحس بأنني موجة هاربة من غضب البحر، أتقن أصول المد والجزر وأضمها لكل الأوفياء بكل حنان الشواطئ، لقد تعلمت أن أخبئ الذكرى بين أهداب الشمس المختفية والمحتمية بما وراء الأفق، لأن الشمس لاتخلف الميعاد، تحفر الحب على شجرةٍ في معبد الأبد ، يتغير الكل ولا تتغير. استرخيت على أريكتي واسترخت كلماتي على وسادتي، سمعتها كصلاتي وغفوت مطمئنة، هو ذا الأمل، لقد تجسدت وعود كل الأوفياء في يقينهم الذي تجلى في أساطيرهم، أجل سيشع الجمال من التماثيل المجمدة، وسيهطل الحق من الغيوم الساكنة ليغسل النفوس ويفرح الأرض، فترقص من رعشة متعتها، ويشدو فوق كل التلال والجبال ويزغرد في الوديان، ويغسل الوجه التعب من شدة النظر في سفر الأيام وأنا سأغسل أعماقي بصفاء الحق والخير سيبعث من العالم الميت، حقاً هذا مصير الأوفياء.. |
|