تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


«الثلاثة يشتغلونها».. التحولات في عالم منقسم

سينما
الأثنين 28-2-2011م
محمد قاسم الخليل

تعد الأعمال الكوميدية أقرب أنواع الدراما إلى قلوب المشاهدين، وهو ما يفسر طغيان موجة من الأفلام المصنفة في خانة الكوميديا على صالات العرض العربية، بل نجدها في الدراما التلفزيونية أيضا،

وقد أنتجت هذه الأفلام في ظل ظروف تدعو للأسى، قبل التداعيات الراهنة في بعض الأقطار العربية، وربما كان من أهداف تلك الأفلام التحليق بالمشاهد بعيداً عن واقعه المأساوي، وهي كذلك بالنتيجة سواء كان هذا الهدف مقصوداً أم غير مقصود.‏

أمامنا الآن نموذج من أفلام هذه الموجة وهو (الثلاثة يشتغلونها) تأليف يوسف معاطي، وإخراج على إدريس، وأداء ياسمين عبد العزيز.‏

من الملاحظ أن صناع الفيلم اجتهدوا لصنع فيلم كوميدي ينهل من الواقع، ويضحك على المآسي الكثيرة للمواطن العربي.‏

واختار صناع الفيلم هنا السخرية من التحولات الفكرية والاجتماعية، والتشتت الذي يعيشه الإنسان بين أقصى اليمين وأقصى اليسار، ويعمل على تشريح هذا التيار وذاك، من خلال تحولات فتاة نجيبة حلت في الترتيب الأول في الشهادة الثانوية العامة، ومع أن الحالة التي تعيشها الفتاة افتراضية إلا أنها تحمل الكثير من القابلية للصدق التي تعد إحدى مقومات العمل السينمائي، وحمل الفيلم نقداً لاذعاً لأولئك الأدعياء الذين يقعون في تضاد وتنافر بين أقوالهم وأفعالهم وبين أفكارهم وممارساتهم الحقيقية، وهذه إحدى النقاط الايجابية التي تسجل لمصلحة الفيلم.‏

ويمكن القول أيضا إن الفيلم نجح في صنع كوميديا خفيفة غير صارخة، وقد جهد صانعوه في الالتزام بعناصر بديهية للفيلم الكوميدي ومن ذلك الاعتماد على المبالغة بالشكل أو بالحركة أو باللغة وقد جمع الفيلم هذه العناصر جميعها واستطاع من خلال هذه المبالغة الغرض منها تحقيق غاية الإضحاك.‏

اعتمد الفيلم بشكل أساسي لصنع الكوميديا على المفارقة بسلوك الشخص أو بالموقف أو بالحوار، ولنلاحظ كيف كان شكل (نجيبة) وهي تدخل الجامعة وهي ترتدي ثياباً أقرب إلى ثياب تلاميذ المدارس، ثم كيف تتحول إلى فتاة مستهترة لتكسب شابا غنيا حسب توجيهات أمها، ثم نشاهدها ترتدي أزياء الشباب اليساري وتلف عنقها بالكوفية، ثم ترتدي زي المحجبات بعد أن تعجب بشاب محسوب على الدعاة لكنها تتحول عنه عندما تكتشف أنه يقول شيئاً ويفعل غيره.‏

ومن الملاحظ ان ياسمين عبد العزيز كانت ناجحة في الشخصية التي لبستها، وأدت الشخصية بشكل تلقائي دون مبالغة او افتعال، في حين نجد أن معظم أدوار النساء في الأعمال الكوميدية تتجسد في شخصية العانس أو الفتاة غير المرغوبة.‏

أخيرا يمكن أن نصنف (الثلاثة يشتغلونها) ضمن كوميديا سوداء، فقد اقتربت من الشارع وعملت على قراءة مشكلات الناس، وقد أضحكت المتلقي، ولكن فيها شيء قاتم أو جارح يطلق عليه خداع لطيف نلحظ فيها محاولة لإيصال فكرة للمشاهد بطريقة ضاحكة، ولكن قد تكون قاسية، ومن خلال هذه المفارقة جاءت التسمية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية