|
ثقافة
كامل.. يخدم في حلب في أحد المشافي العسكرية يستقبل هذا الجندي ويودع ذاك الشهيد يغطي جسد من بترت أقدامه كي يخفف من ألمه الشبح هو مصطلح طبي لمن يشعر بوجع أطرافه وهي مبتورة أصلا وكيف لايكون الألم شبحا ووجعه مؤلم ومخيف يصدم المبتلي به بصورة جديدة لنفسه تصبح فيها أقدامه ذكرى وحياته الجديدة واقعا جديدا يموت فيه كل يوم وهو يخوض معركة الألم الشبح.. يستيقظ كامل في كل يوم على صوت سيارة الاسعاف وهي تحمل بداخلها قصة جديدة لواقع مخيف جعل من كامل نموذجا لمن منحته الحياة دكتوراه بالموت..أو بالأحرى الحياة مع الموت. حدثني ذات يوم عن أن زوجته حزنت لماذا عندما حرقت قدمها بقليل من الشاي لم يحرك ساكنا بل بقي في مكانه مع هرولة الجميع إليها.. ليس لأنه لايحبها أو غير آبه لأمرها بل لأن هذا الحرق بالنسبة له كشكة دبوس لايسمع صداها لمن قضى سنوات شبابه يراقب شاشة مراقبة نبض من يفارق الحياة نبضة بعد نبضة شهقة بعد شهقة حتى أصبحت هذه الصورة مع صدى النبضات الأخيرة لجميع من مروا في شريط ذاكرته ضجيجا مخيفا كشبح مخيف لايشعر به إلا من يعرف جيدا معنى الألم الشبح كامل نموذج مصغر لسوريتنا.. في كل يوم تسمع صرخاتنا في كل يوم تودع ابنا لها وتسمع اخر نبض له وتشم رائحة اخر نفس تنفسه وتحتضن جسده.. وترتوي بدمائه. هذه هي الحياة عندما يصبح الألم شبحا ويصبح الموت ثقافة.. تنسينا أبسط معالم الحياة..فلاتحزني زوجة كامل فلقد تزوجت برجل يحمل دكتوراه في ثقافة الموت والألم الشبح. |
|