تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الفصل العنصري للتقاعد..!

على الملأ
الأثنين 8-1-2018
علي محمود جديد

ليس مُقنعاً ولا حكيماً ذلك الطرح الذي ينحاز لمنح الفئة الأولى من العاملين في الدولة، ميزة سن التقاعد إلى 65 عاماً، وكأنّ الشهادة الجامعية وما بعدها كافية لمنحهم صكّ براءةٍ وغفران،

وصحة وعافية مؤكدة، وخبرة وقدرة وإمكانات باهرة لا تُطال، وبالمقابل ترك باقي الفئات على الستين، لتبدو وكأنها عاجزة عن العطاء، ومنخورة في عقلها وإمكاناتها، وما أن تصير في الستين حتى تغدو عديمة النفع، مهما تراكمت عندها الخبرات والإمكانات، ومهما امتازوا بالصحة والعافية والقدرة على العطاء، والرغبة به، فهم لا يفيدون شيئاً لأنهم فقط ليسوا من الفئة الأولى.. !‏

هذه رؤيا خاطئة، ولها منعكسات سلبية جداً على الواقع وعلى النفس، لأنها لا تمتّ إلى الإنصاف بصلة، ولا إلى المصلحة العامة، فالقاعدة التي يمكن الركون إليها هنا ليست الفئة، وإنما الإمكانية والخبرة وطبيعة العمل الحقيقية، ومدى القدرة الجسدية والصحية والنفسية أيضاً على الاستمرار.‏

هناك نماذج من العاملين في الدولة، من الفئة الأولى ليسوا أكثر من عبء على الدولة، لا يعملون شيئاً سوى أنهم يقومون في أول كل شهر بامتشاق بطاقة الصرّاف، ويقصدونه ليتقيّأ لهم رواتبهم، أو إلى المحاسب ليناولهم ما لا يستحقون، وطبعاً هناك الكثير من شريحة الفئة الأولى تعمل بجدّ وإخلاص، كما الفئة الثانية وما بعدها، فهناك من يعمل بهمة وخبرة وإخلاص، وهناك من لا فائدة له ولا لعمله فعلاً.‏

على كل حال - وقبلَ أن يُحسم الأمر - نعتقد أن هذه المسألة يجب أن تُعالج بشكلٍ آخر، بعيداً عن معيار الفئات، والذي جاء كالفصل العنصري بين العاملين في الدولة، وبلا مبرر، لأنّ حاجة الدولة ليست للفئات، وإنما للخبرات وطبيعة الأعمال، وفي الحقيقة أنّ هذه المعايير لا يمكن ضبطها عندنا، لأنه من النادر أن نجد اليوم عاملاً في الدولة استطاع أن يحلّ مكانه بطريقة منصفة، والقول الفصل لا يزال - مع الأسف - في أغلب الحالات، للوسائط والمحسوبيات والرشاوى، وهذه هي الكفيلة ليكون أي شخص من العاملين في الدولة، ومن النادر أيضاً أن نجد عاملاً يُقيّمُ بشكلٍ جدّي، ولذلك دعوا (الطبق مستوراً) واتركوا الأمور للجميع بتكافؤ فرصٍ متساوية، أي كما هي الآن (الستون للجميع) ويمكن أن تكون الخامسة والستون لمن يريد، ويكون قادراً على العمل، وليس فقط للمدعومين.. والمحسوبين على الذين يتلطّون وراء ظهورهم.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية