|
مسرح هذا التطور الهائل الذي بلغ أوجه في المسرح الموسيقي والأوبرا وعروض الرقص خلقت لغة مسرحية جديدة كشفت أمام المسرح المعاصر عن آفاق وفضاءات شاسعة ربما لم يكن تصورها سهلاً إلا لمخيلة مبدعين من أمثال مبير هولد وكريغ وآبيا. وكانت التكنولوجيا الأداة الرئيسية لتحقيق الحلم الفني ومنفذاً لرؤى مخيلة الفنان أمام هذا التطور الهائل نجد المسرح العربي يعاني قصوراً كبيراً في استخدام التقنيات الحديثة وندرة عدد التقنيين الأكفاء ويشمل هذا القصور ميادين المعمار والفضاء وهندسة الضوء والصوت وشكل هذا انحسار المسرح العربي وتخلفه عن الركب المسرحي العالمي. فالكليات ومعاهد المسرح في العالم العربي تفتقر لتدريس التكنولوجيا الحديثة في مناهج التدريس /السينوغرافيا والضوء والصوت والأزياء/. وقد أثر التخلف التكنولوجي في المسرح العربي على انحسار الجمهور الذي لا يمكن أن يعتاد على متابعة العرض المسرحي في صالات مهترئة وبتقنيات بالية. يعيش المخرج العربي في حالة تصادم دائم مع الخشبة لكونها غير مجهزة بالتقنيات المطلوبة فهي لا يمكن أن تستجيب لمتطلباته وهناك غياب للتقنيين الذين يقدمون للمخرج والعرض حلولا ابداعية فنية. فالمخرج مهما كان بارعاً لا يمكن أن يجسد تجسيداً فنياً دقيقاً متقناً إلا بوجود الفنان التقني الذي بإمكانه أن يفتح أمام المخرج آفاقاً لا يمكن أن يتصوره أحياناً. المخرج العربي مازال يجد نفسه وحيداً في العملية الابداعية في انتاج العرض بينما نجد هذه العلاقة على درجة كبيرة من المتانة والحميمية في المسرح الغربي والشرقي. حيث إن فناني السينوغرافيا والضوء والصوت يتفننون في خلق وتجسيد رؤى المخرج الفنية بل يعملون معاً في انتاج العرض. إن الكلية الابداعية هي سمة المسرح المعاصر هذه السمة مازالت ضعيفة إن لم تكن معدومة في المسرح العربي. التكنولوجيا الحديثة تمنح المؤلف المسرحي والممثل امكانات هائلة في تجسيد ما يدور في مخيلة المؤلف المسرحي بشرط أن يكون واعياً بذلك وحتى في مجالات التجريب فإن ما يسمى في المسرح العربي تجريباً خصوصاً في مجال المسرح البصري الذي هو أكثر المسارح اعتماداً على التقنيات الحديثة التي انتهت منذ الخمسينيات من القرن الماضي في أوروبا. التكنولوجيا في المسرح تحتاج أولاً إلى تقنيين مؤهلين تأهيلاً تاماً حتى يكتب لها النجاح. |
|