|
مسرح لتحمل تلك الحالة ايجابية إضافية، تساهم في انتشار مسرح الطفل في المحافظات السورية لتعميم أهدافه الجمالية والتربوية، واستكمالا لمهمة المسرح على نطاق أوسع، وهو ترفيه الطفل السوري أيضا في مثل هذه الظروف، وقد أكد ذلك مدير مسرح الطفل في سورية الفنان (محمود عثمان) في لقاءاته، مؤكدا على إصرار وزارة الثقافة ومديرية المسارح والموسيقى على إقامة التظاهرة في موعدها المقرر لأسباب عديدة، وذلك لتأكيد خطوة ايجابية تساهم عبر إقامتها، في إعادة الطفولة لأطفال سورية، الذين عاشوا أحداثاً مريرة في الآونة الأخيرة، وقد أشار مدير مسرح الطفل إلى أن هدف التظاهرة والإصرار عليها رغم الظروف الصعبة، هو التمسك بمسرح الطفل وأهدافه كما التمسك بالتظاهرة أيضا، كي يبقى المسرح مكونا ثقافيا حاضرا في حياة الطفل السوري، وقد تعددت العروض، وتضمن بعضها الطرح لقضايا وطنية واجتماعية قريبة من الواقع، رغم أن التظاهرة ضمن هذه الفترة هدفت إلى حضور الجانب الترفيهي، لكن يصر الكثير من نقاد المسرح، على أن المسرح لا يرقى، كي يكون إبداعا، إلا إذا تحول إلى فعل ثقافي، قادر على تقديم الواقع وقراءته، وبالنسبة لمسرح الطفل يمكن أن تساعده في مهمته تلك، المعطيات الجمالية والمفردات الفنية التي يمتلكها، والتي تؤهله كي يكون مقنعا ومؤثرا في الطفل، حتى بالنسبة للقضايا البعيدة عن عالمه، إذ أنه يترك أثره بقوة أكثر من أي وسيلة تربوية أخرى، وأكد المخرج (عدنان كرم) في هذا السياق، وهو مخرج عمل (لاتطفئوا شمعة الميلاد) الذي طرح قيم الشهادة والتضحية في سبيل الوطن، وقدم صورة الشهيد الأب الذي يضحي بنفسه من أجل فرح الأبناء، ورغم قسوة الحدث إلا أن الأسلوب الفني والحلول الإخراجية، خففت من وقعه، وأشار حول هذا الجانب، بأن طرح القضايا الوطنية عبر مسرح الطفل يتطلب الأسلوب المتفرد، مثلما هو الطرح بالنسبة لأي قضية عند التوجه إلى الطفل، فخطابه يتطلب الخصوصية في المعالجة والأسلوب الفني، والمفردات واللغة، وعلى المستويات كافة. أما أن يتم الطرح للقضايا الوطنية، وقضايا تخص الأزمة، خصوصاً أن الطفل السوري يعيش أحداثها مع أسرته، وقد بدأت متاعبها تتسلل إلى حياته أيضاً، لذلك فإن تجاهلها أمر صعب، من هنا كانت العروض التي قاربتها ضمن التظاهرة، قد احتمت بشروط فنية ذات طابع خاص، إذ تضمنت مكوناتها الفنية والدرامية، ما يحاكي بعض ملامح الأزمة بشكل خلاق ومبدع، أمتع الأطفال، من دون أن يفصلهم عن واقعهم، وقد طرحت العديد من القضايا الوطنية منها بشكل مباشر وغير مباشر أيضا، لكن أكثر من عرض دار في نفس السياق، منها (ارنوب صياد الثعالب)الذي حمل إسقاطات واقعية واسعة، متعمقا في حالات توازي أحداث الواقع، وأشار إلى الأعلام الكاذب والزيف الذي يقلب الحقائق، فأوضح للطفل بعض تفاصيل أزمة وطنه، التي ترخي بأعبائها على الجميع، أيضا كان عرض (مدينة الأحلام) الذي أبدع في تقديمه الكثير من المواساة والموضوعية، عبر حكايته واستعراضه، و بما يناسب عقل الطفل، وكان غيرهم من العروض النوعية في أطروحاتها، التي اتكأت جميعها على أساليب فنية محببة للطفل، فيها الإبهار والفرح والتسلية، إلى جانب الكثير من الأفكار الغنية والعميقة، فحملت الإصرار أيضاً، بألا تبتعد عن القضايا الجادة الضروري طرحها، جنباً إلى جانب حضور الوجه الترفيهي، حتى يوصلها بأمانة إلى هدفها المنشود، ليقوم المسرح بدوره ومهمته لعالم الصغار كما هو لعالم الكبار، وإن كان المطلوب إبعاد الطفل عن هذه الأجواء، تلك التي فرضت ذاتها على الواقع السوري، و قد عرف المسرح السوري انه يلتصق دوماً بالقضايا الجادة على مدى مسيرته، ليعبر عن المسرح الجيد والجاد، حيث يتم الحرص على تميزه ونوعيته والتزامه، حتى عندما يتجه للطفل أيضا، فما كان من بعض العروض المسرحية ضمن تظاهرة مسرح الطفل إلا التغطية لهذا الجانب الاستثنائي ومعالجته، عبر أعمال فنية تهدف إلى التوعية، و الإشارة إلى ذلك الواقع بطريقة درامية، اتجهت في بعض تفاصيلها لإقحام الطفل في بعض ملامح الواقع الذي يعيشه، ويعيش تأثيره لأنه لا بد للمسرح أن يعيد قراءة الواقع، ولابد لمضمونه من أن يوازي وقائع الحياة، ويعادل الراهنة فيها، مهما حمل بين طياته الجانب الترفيهي، وقد اعتمد الاميز من الأشكال الفنية بهدف الإيصال لأفكاره، تلك التي تتكامل مع فكرة أن المسرح هو فعل ثقافي وإبداعي يساهم في بناء الوطن والإنسان، وتحديداً عندما يساهم في طرح التساؤلات حول الواقع، ويشارك عبر ذلك المهمة في الكشف عن متطلبات الوطن الأجمل، ودور المسرح على الدوام يتجسد في مقدرته على موازاة الواقع، فكلما اقترب المسرح منه ونقله، اقترب من ترجمة مهمته الثقافية والأخلاقية والإنسانية. |
|