تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الوعي الجمالي .. كيف ننميه عند أطفالنا ؟؟

مجتمع
الثلاثاء 19-2-2013
فردوس دياب

قدمت الدراسات الحديثة سواء كانت نفسية أم اجتماعية أم تربوية منهجا وأدوات وطرقا عديدة تساعد في تنشئة الطفل تنشئة سليمة وجيدة إلا انه من الملاحظ فيها غياب الاهتمام بتنمية الوعي الجمالي عند الطفل ذلك الوعي الذي لا يقل أهمية عن الوعي العلمي أو الاجتماعي أو النفسي أو البيئي

إضافة إلى أنه يمكن أن يكون الخلفية التي تتحرك عليها زوايا الأنشطة المعرفية الأخرى للطفل ويوظف في مجالات متعددة من أنشطة الطفل العلمية والأخلاقية والبيئية ويعتبر الطاقة التي تدفع وتحرك وتحرض ملكات الطفل وتجعلها تعمل متناغمة وعلى نحو متجدد دائما حيث إن إغفال هذا الجانب الجمالي في حياة الطفل يؤدي إلى فوضى وجدانية وانحرافات سلوكية متعددة .‏

احتياج ضروري..‏

ويعرف التربويون الوعي الجمالي بأنه القدرة على التذوق أو الشعور أو الانتباه إلى القيمة الجمالية أو الكيفية الجمالية التي توجد في شيء ما سواء كان طبيعيا أم عاديا أم عملا فنيا كما يمكن تعريف القيمة الجمالية بأنها ليست ما نفضله بل ما هو قادر على إثارة تفضيلنا وإعجابنا متى توافرت الظروف السليمة لكي تتم هذه الاستجابة كما أنها تجعل الطفل يميز بين الجميل والقبيح في الطبيعة وفي الأعمال الفنية وتعتبر قيمة ثرية متسعة المجال متعددة الخصائص والسمات كثيرة الارتباطات فهي ترتبط بالمستوى الثقافي والمناخ الاجتماعي والنضج النفسي كما أنها تحقق بالنسبة للبعض لذة ومتعة وتسلية وقد تمثل لآخرين احتياجاً ضرورياً يصله بالآخر وتجعل الطفل يتعرف إلى العالم من حوله من خلال وقع الجمال عليه وخاصة في المرحلة الأولى من حياته وذلك بحكم تكوينه الضعيف كما يتسم وعي الطفل الجمالي حتى السنة السادسة على الأقل وبالتالي خبرته الجمالية بأنه وعي يهتم بالأجزاء وبالتفاصيل إلى أن يبدأ الطفل في الارتقاء المعرفي وتنتظم عنده مجالات الإدراك البصري والسمعي واللمسي والحدسي بشكل متفاعل ويصل إلى قدرة لإقامة العلاقات بين الأشياء المتجانسة وغير المتجانسة وتشغيل المعلومات والتداعي السريع للأفكار لذلك نلاحظ أن الطفل في السنوات الخمس أو الست الأولى لا يتفاعل جماليا مع الأشياء إلا فرادياً ويسعد بتفكيك الأشياء ليكتشف مكامن جمالها ويبدو أن السعادة التي نراها على وجوه أطفالنا وهم يخرجون كثرة الشيء عن وحدته هي بهجة جمالية وليست فوضوية كما نتهمهم عادة.‏

دور الأسرة ..‏

ويجب على الوالدين أن يكونا على درجة من الإبداع تسمح لهما برؤية رسوم أطفالهما وتذوقها وهذه ثقافة ضرورية لابد أن يمهد لها في تكوين الطفل الذي سيكون أبا في المستقبل لأطفال يرعاهم بالتنشئة التي تحافظ على مستوى إبداعهم وتنميته ، وهو الامر الذي يحتاج إلى تعاون وتضافر جميع المؤسسات المعنية بتنشئة الطفل بدءا من الاسرة ومرورا بالمدارس وليس انتهاء بالاعلام ،ذلك ان اي خلل بأي من تلك الادوار قد يؤدي الى اعاقة الاخر ، حيث إن المعطيات الجمالية التي يدركها الطفل وليدا ويتشربها فيما بعد من أسرته ومدرسته ومجتمعه هي التي تصله بالعالم وتمكنه من فهمه وليس الاحتياج أو الإشباع البيولوجي كما كان يتصور، كما انه يمكن حصر خمس كيفيات جمالية أساسية تربط الطفل بالعالم وهي اللون والضوء والصوت والحركة والإيقاع يبدو أن هذه الكيفيات تقدم مادة جمالية رائعة للطفل لذلك على الأسرة أن تستخدم الكيفيات الجمالية الخاصة بالطفل في تشكيلات منظمة «كالتشكيل الجمالي للصوت في أغنية» وفي ضوء ذلك فإن التدعيم الدائم للتشكيلات المكونة من الكيفيات الجمالية الخمس وتكرارها ستؤدي إلى نوع من التثبيت لهذه الكيفيات وما بينها من علاقات في وعي الطفل ذلك لان الطفل ليس لديه انتقاء جمالي وإنما علينا أن نقوم بالتثبيت الجمالي للمعطيات السابقة كذلك يجب تدعيم الوعي الجمالي لدى الطفل فيجب ألا نتركه لطبيعته فيضعف أو يتراجع وقد يندثر نهائيا كمكون من مكونات شخصية الطفل ولذا علينا أن ننتهج منهجا نستفيد منه لزيادة وترقية وتفعيل هذا الوعي في حياة الطفل‏

.. والمعلم‏

و يؤكد الباحثون أن الطفل فنان بطبعه مهما كان مستوى البيئة التي يعيش فيها وهذا يعني أن الوعي الجمالي عند الطفل ليس شيئا ترفيهيا أو شيئا ثانويا بل هو أساسي لديه في فطرته وكلما ازداد اهتمامنا برصيد هذا الوعي وترقيته وتوسيع مجاله لدى الطفل استطعنا تطوير عملية التعليم من خلاله وذلك يقتضي وعي المدرس بالشكل الجمالي للفهم وهو يتلخص في عدم ارتكاز العملية التعليمية على حشو المعلومات المختلفة سواء كانت لغوية أو علمية للتلميذ وإنما لابد أن يهتم المدرس بالشكل الذي تصب فيه هذه المعلومات وتتحرك من خلاله على مقومات جمالية تتميز بالتنوع الدائم بحيث لا يتعود الطفل على استدعاء المعلومات وتشغيلها بواسطة عمليتي التذكر والاسترجاع فحسب بل بالقدرة أيضا على استخدام أشكال متعددة لصب مادة الدراسة وبذلك ترتقي وتتطور قدرة الطفل المعرفية في التحصيل ذلك أن المعرفة تتطلب ما هو أكثر من التلقي والترديد للمعلومات العلمية فهي تتطلب قدرة الطفل على تأكيد حقيقة هذه المعلومات من خلال أجوبته على الأسئلة بطرق جديدة ، كما يجب على المعلم أن يؤمن بأهمية الوعي الجمالي وعدم النظر إليه على انه أدنى من حيث المستوى المعرفي وعليه أن يستخدم مقولات جمالية عند سرد أحداث التاريخ ووقائعه بحيث يشد انتباه الطفل إلى صور متلاحقة للأحداث تتحرك إيقاعيا وتعبر شخصيات الأحداث عن ذاتها.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية