|
الثلاثاء 19-2-2013م لم ينشر عنه ولو مجرد خبر صحفي وقد كانت كتاباته الصحفية شاغلة التشكيليين ومالئة فضائهم.. وكثيرون من معارفه وأصدقائه لم يعلموا برحيله حتى بعد انتهاء مراسم العزاء،فيما القلة القليلة عرفت ذلك عن طريق صفحات التواصل الاجتماعي على شبكة الانترنت.. لكن فضل (الشبكة العنكبوتية) لم يكتمل ففي البحث ضمن أربعين صفحة تحمل اسم طارق الشريف على موقع (غوغل)،لن تجد عن الناقد التشكيلي العربي الشهير سوى ما يتعلق بحفل تكريمه الذي أقامه قبل عامين، مركز أدهم إسماعيل بمناسبة مرور الذكرى الخمسين لتأسيس المركز الذي كان طارق الشريف أحد أهم مديرية، أما معظم الأربعين صفحة فقد شغلت بأخبار أشخاص يحملون الاسم نفسه، يتقدمهم مغني شعبي، فلاعب كرة قدم،فطبيب أردني أقدم على قتل زوجتيه الاثنتين.. ولد طارق الشريف في دمشق عام 1935 ودرس الفلسفة في جامعتها حيث تعلق بالدراسات الجمالية والفنية، وتابع آراء كبار الفلاسفة في مجال علم الجمال والنقد الفني أمثال (كانت) و(هيغل) و(سارتر)،وفي الوقت ذاته، تابع المعارض الفنية المحلية،وأقام صلة وثيقة مع عدد من الفنانين التشكيليين السوريين أصحاب التجارب المميزة ومنهم الأخوان أدهم ونعيم إسماعيل،وعبد القادر أرناؤوط، ومروان قصاب باشي. فبدأ يكتب عن تجاربهم بتطبيق الدراسات النظرية على لوحاتهم وينشر مقالاته وترجماته في صحيفة»الوحدة» التي كانت تصدر في دمشق زمن الوحدة مع مصر(صحيفة»الثورة» حالياً) والتي حقق فيها سابقة غير مألوفة حين خصصت له صفحة كاملة لندوة أعدها عن معرض الخريف ،المعرض الرسمي الذي كان يقام في دمشق سنوياً، والذي تولى فيما بعد مسؤولية إدارته في ذروة تألق الحياة التشكيلية السورية.. في عام 1959 نال درجة الإجازة في الفلسفة ، وفي العام التالي عمل في وزارة الثقافة المؤسسة حديثاً ليبقى فيها حتى تقاعده عام 2001 ،و في مرحلة تالية تركز اهتمامه حول الاتجاهات الراهنة في الفن التشكيلي السوري (أواخر الستينات) وسعي التجارب الرائدة للموائمة بين التأثيرات الغربية المعاصرة، والإرث الفني المحلي،وتجلى هذا في كتابه (عشرون فناناً من سورية) الذي أنجزه عام 1969 والصادر عن وزارة الثقافة عام1972 متضمناً مقالات عن عشرين فناناً كتبها بين عامي 1967و 1968. وفي الوقت ذاته تابع بحثه حول بدايات الفن التشكيلي السوري الذي أسس لمحاولته الرائدة التأريخ هذا الفن،والتي نشرها في مطلع الثمانينات فكانت مستنداً لكثير من الأبحاث والدراسات التي جاءت بعده، ومنها كتاب (الفن التشكيلي المعاصر في سورية) الذي أصدرته (صالة أتاسي) عام1998 وأثار اهتماماً واسعاً في الوسط التشكيلي.. عام 1965 تولى إدارة مركز أدهم إسماعيل للفنون الجميلة، وعلى مدى عشر سنوات استطاع أن يجعل منه حاضنة للمواهب الشابة التي اكتسبت فيه المعارف التقنية، ونمو مواهبها الإبداعية،وثقافة فنية هامة بفضل المحاضرات التي قدمها للطلبة عن المدارس الفنية.وإثر رحيل الفنان نعيم إسماعيل تولى مهام مديرية الفنون الجميلة في واحدة من أزهى مراحل الحياة التشكيلية السورية حين كانت السيدة الدكتورة نجاح العطار ترأس وزارة الثقافة، وقُدّم للفن التشكيلي دعم واسع واهتماماً كبيراً.فكان أن وصل المعرض السنوي إلى ذروة تألقه وترجمته للمشهد التشكيلي الإبداعي السوري،وكان أن اتسعت حركة المعارض والملتقيات والاقتناء، وكان أن صدرت فصلية (الحياة التشكيلية) التي قامت بشكل مطلق على جهده الشخصي كرئيس تحرير لها، والتي نالت سمعة عطرة على امتداد الوطن العربي.. إلى جانب عدد يصعب حصره من المقالات والبحوث والدراسات وقد نشر عدداً من الكتب، كان أخرها قبل سنتين عن الفنان لؤي كيالي وقد قمت بتدقيقه بتكليف من أمانة دمشق عاصمة الثقافة العربية بسبب الظرف الصحي الصعب للراحل حينذاك.أما آخر ظهور رسمي له فكان في حفل تكريمه في مركز أدهم إسماعيل، وفيه قال: ان عدم وعينا لأهمية تراثنا سيجعل هذا التراث غريباً عنا، وعدم القراءة الجديدة له عبر واقعنا الراهن سيفسح المجال أمام التشويه المضر بمستقبلنا الإبداعي وبهويتنا الأصلية، فالمرحلة الراهنة للأمة العربية تتميز بوجود غزو ثقافي يستهدف الوجود ما يستدعي من الفن الحقيقي أن يكون شاهداً على عصره، ومسؤوليات الفنان العربي حيال ذلك كثيرة جدا.. |
|