|
نافذة على حدث وانطلاقاً من ثقتها بهذا التقدم، فهي مقتنعة تماماً بأنها على اختراق العالم، بره وبحره وجوه، وكذلك الفضاء، والتجسس كيفما شاءت وأينما أرادت، لكنها عجزت عن معرفة اللحظة التي قرر فيها الرئيس المصري حسني مبارك، وقبله التونسي زين العابدين بن علي، التنحي عن السلطة، ومتى قررا ذلك، والظروف الحقيقية التي دعتهما لهذا الأمر، وهي التي رصدت مليارات الدولارات للتنبؤ بحدوث الاضطرابات في الوطن العربي، والنتائج التي ستسفر عنها، بهدف استغلالها لمصلحتها. إخفاق «السي آي اي» دفع إدارة أوباما لشن حملة شرسة على مديري استخباراتها الوطنية والمركزية، لعدم تقديم تقاريرهما في هذا الشأن، متجاهلة أنه بإمكان أجهزة استخباراتها التنبؤ بوقوع تلك الاضطرابات لعلاقتها القوية بأنظمة معينة وسيطرتها عليها وارتهان الأخيرة لها، لكنها حكماً لن تستطيع التنبؤ بالشرارة التي تدفع الناس للخروج الى الشوارع، واللحظة التي صمموا فيها على إقالة هذا النظام. من المعروف أن الاستراتيجية الأميركية كل همها الآن جعل القرن الحالي أميركياً بامتياز، ولن نفاجأ بمزيد من الهيمنة التي تريد الدولة العظمى فرضها على دول العالم المختلفة ، لكن ما لم تستطع واشنطن معرفته، أو استشعار خطره هو ما سيصدر عن الشعوب التي أفاقت من غفوتها ، وانتفضت ضد المشاريع الغربية والأميركية والإسرائيلية وأصابتها في سويداء القلوب . صحيح أن السي آي اي تسببت بإخفاق الكثير من العمليات الإرهابية في الولايات المتحدة ، لكنها أعجز من أن تمنع الجماهير من استرداد قرارها السيادي المسلوب ، وعاجزة عن فرض الرؤية الإميركية حول ديمقراطيتها المزعومة ، لأنه عندما تهب الشعوب فهي التي تصنع مصيرها بنفسها ولا تحتاج لموافقة ونصائح الآخرين . |
|