|
شباب الضوئي أنس إسماعيل وخاصة أنه استطاع أن ينشئ مشروعاً ثقافياً حقيقياً من خلال ما يسمى المقهى الثقافي: برأيي الشخصي إن مصطلح المقهى الثقافي ما زال مصطلحاً التباسياً، وجديداً وإشكالياً إلى حد ما وهو لم يأخذ مشروعيته بشكل حقيقي بالحياة الاجتماعية والثقافية لأنه بطبيعة الحال هو حالة مستجدة على مفهوم المقهى، فمفهوم المقهى السائد في الثقافة العامة لتمضية الوقت والثرثرة للعب
الورق والطاولة من هنا كانت فكرتي في تأسيس(نادٍ) وليدة هذا العصر المتسارع والذي أصبح من الصعب أن نطلب من الناس الانتقال إلى الأماكن البعيدة حتى تشاهد نشاطاً ثقافياً سواء كان على مستوى معرض أو موسيقا أو مسرح، والفكرة التي أعمل عليها فيما يخصّ المقهى الثقافي هو إلى أي درجة هذا المقهى هو قادر على أخذ الفن للناس بدلاً من أن يطلب للناس أن يذهبوا إلى الأماكن التي تصدر أو تنتج فناً، وفكرة المقهى الثقافي هي فكرة ملتبسة قليلاً وأنا أجد بأن مصطلح المقهى الثقافي قد أسيء استخدامه فكثيراً من الأماكن تسمى مقاهٍ ثقافية وهي لا علاقة لها بالأمر وإنما هي مقاهٍ للعشاق أحياناً ومقاههٍ للأركيلة، فالمكان الثقافي هو مكان وليس أشخاصاً وهو مشروع مؤسسة مصغرة وجد في مقهى لأننا لا يمكن أن ننشئ مؤسسات ثقافية ضمن وجود المؤسسات الرسمية، وهو عبارة عن مقهى ينتج ثقافة بمعنى يقدم معارض، يقيم ورشات عمل، يقدم مسرحاً فمن المقهى تخرج الحالة الثقافية وبغض النظر عن الذين يرتادونه سواء أكانوا مثقفين أم غير ذلك، أنا أجد الأمر بالعكس فالذين يرتادون المقاهي يجب أن يكونوا من غير المثقفين أي ألا يكونوا من النخب الثقافية وإنما أناس طبيعيون، شباب عندهم همّ، عندهم إحساس وطني وهذا أهم شيء.
الصورة البصرية السمعية وكما وصف الأستاذ أنس المقاهي الثقافية أراد ربيع عيسى رومية خريج معهد متوسط أن يصف المكان بصرياً وسمعياً دون الدخول في تقييم ما تقدمه كمنتج ثقافي وفني: أريحية المكان في تلك الأماكن أتاحت للشباب مساحة للحوار وللقاء وطرح أفكارهم بأريحية نابعة من المكان المتواجدين فيه والذي ميزه الشكل والديكور والإضاءة وهذا التنوع في الديكور مرده لمواءمة شخصيات الشباب الجامعي فالديكور يأخذ نمط الفوضى المنسقة بعيداً عن التلوث البصري وإن كان يحمل الطابع الغربي في كثير من الأوقات وتلك المكتبة المتاح استخدامها لجميع الشباب بشكل مجاني حيث تضم العديد من الكتب الأدبية المنوعة والثقافية والتي تحمل أهم الأسماء العربية والغربية والعناوين الهامة التي يقبل عليها الشباب عموماً، والملفت للنظر ديكور المكتبة بحد ذاته البعيد تماماً عن نمطية المكتبات العادية أي الرفوف أو الخزائن بالإضافة إلى ذلك تلك الصور المنتشرة وشبه النادرة لعدد من الشخصيات الأدبية والثقافية والفنية العربية والعالمية ومنها العديد من الأسماء العربية التي زارت تلك المقاهي وأقامت أنشطة فيها، وأعتقد بأني لم أتحدث عن الموسيقا وربما الخلفية الموسيقية التي تقدم كوجبات سمعية للشباب والتي هي بالأصل تجيب عن سؤال ماذا يسمع الشباب الحالي فهناك
الكلاسيكي وموسيقا الجاز المطعّمة بالنمط الشرقي وربما الموسيقا الشرقية التي تعزف بآلات غربية وهكذا ماعدا ذلك أسماء بعض الفنانين والتي أصبحت مفصلاً حقيقياً يرافق يوم الشباب كمارسيل خليفة وشربل روحانا وزياد الرحباني وشمس إسماعيل وبالتأكيد فيروز بكل الأوقات، لكن يبقى السؤال هل يرتقي ما يقدم في تلك الأماكن إلى تنوع الصورة البصرية السمعية في ذلك المكان حتى نقول بحق بأن تلك المقاهي هي مشاريع فنية ثقافية حقيقية؟ رديف للمؤسسات الثقافية وكذلك استطاع الشاب رامي غدير أن يؤسس مشروعه الخاص بالتعاون مع صديقه بريء خليل انطلاقاً من إيمانهم بدعم هذا الظاهرة الخلاقة وعنها قال: إن ظاهرة المقاهي الثقافية جيدة من جهة لأنها خلقت نوعاً من الاختلاف فأصبح الشباب ينتبه لوجود مكان مغاير بغض النظر عما تقدمه هذه المقاهي من حضور ثقافي حقيقي،هذا في العموم، أما بالنسبة لقصيدة نثر والتي تأسست من عام2007 فليس لها أهداف محددة مسبقاً إلا أننا اعتبرنا أنفسنا معنيين بالحركة الثقافية عموماً كرديف للمؤسسات الثقافية لا كبديل عنها والمكان عبارة عن فسحة تهتم بالتفاصيل الصغيرة لجذب الشباب نحو القراءة من خلال المكتبة الموجودة فيها وأيضاً هي منبر يفسح المجال للشباب لتقديم إبداعاتهم من خلال الأمسيات التي نقيمها لهم بغض النظر عن الأسماء الكبيرة والمهمة التي أقمنا لها أمسيات شعرية وحفلات توقيع كتب، فجيل الشباب سواء كانوا من المهتمين بالقراءة أو ممن لهم تجارب إبداعية ما يهم المقهى بالدرجة الأولى، وبالرغم من ذلك ومن خلال ما تمت ملاحظته أن الشباب بعيد عن القراءة وغير مهتم بمتابعة النشاطات الثقافية عموماً وهذا شيء غير جيد وكنوع من التحفيز قمنا في المقهى بمناسبة يوم الكتاب العالمي بالإعلان عن نشاط له علاقة بمبادلة الكتب بحيث يمكن تبديل أيّ كتاب بمكتبتك بكتاب آخر من مكتبة قصيدة نثر وخلال النشاط قمنا بتوزيع بعض الكتب مجاناً، وأيضاً ضمن ملف الشعر الدوري الذي يتم تعليقه على جدران المقهى اخترنا ملف هذا الشهر من إبداعات الشباب ومعظمهم من رواد المكان كنوع من التشجيع، ونحن الآن نقوم بدراسة فكرة طباعة كتب إبداعية شابة ضمن مشروع(واحد فاصلة). وعي ثقافي أم موجة؟
أما محمد حاج بكري وهو أديب وشاعر ومن رواد المقاهي الثقافية وكذلك هو متابع باهتمام لهذه الظاهرة وقبل أن يقدم رأيه طرح أمامنا مجموعة من التساؤلات ومنها: بما أن المقاهي الثقافية تحولت لظاهرة فهل هل هذا يعني الاستمرارية أم لا؟ والسؤال الثاني هل كلّ مشروع بدأ من هذا النوع هو مشروع ثقافي حقيقي أو هو مجرد رؤية ثقافية؟ أم هي أحلام وعلى ما يبدو أن جميع الأحلام تتلاشى، ومع هذا(والكلام لمحمد) لا يمكن أن ننكر وجود حركة للمقاهي الثقافية وهناك إقبال شبابي جيد عليها وهذا أيضاً يجعلنا نتساءل هل هو وعي ثقافي أم هي موجة يركبها جيل الشباب؟ حراك ثقافي وأدبي واضح
ومتابعة لما قاله الأستاذ أنس علّق الشاب إياد حمودي وهو من رواد الكثير من المقاهي الثقافية: بالنسبة للمؤسسات الثقافية التابعة للحكومة هي مكبلة ببيروقراطية كبيرة وإسلوب تناولها للعمل الثقافي من إطار وظيفي يؤثر عليها تأثيراً كبيراً ويجعلها بعيدة عن الناس بشكل من الأشكال، أما الأمر فهو مختلف في المقاهي الثقافية وأنا عندما ارتاد أحدها فأنا أعرف بأن هذا المقهى أو ذاك من تأسيس شاب أو اثنين لذلك أشعر بأنه قريب مني أكثر وكذلك هو يتبنى فكرة شابة ويتقاطع معي أنا فمن الطبيعي أن يشدني أكثر من غيره وأنا أرتاد أغلب المقاهي الموجودة في المدينة وأعتبر المقاهي حالة صحية وصحيحة 100% وهي مطلب منذ زمن طويل لشريحة كبيرة من الشباب لكنها توفرت أكثر في الفترة الأخيرة وتبلور عملها، وبرأيي تلك المقاهي تقوم بخطوات جيدة للمستقبل في خلق حراك ثقافي وأدبي. وكذلك أحمد محمود درويش 20 سنة والذي يدرس في كلية الهندسة الزراعية جامعة تشرين في السنة الثالثة من المرتادين تلك المقاهي وعنها قال:مهما كان الهدف من إقامة هذه المقاهي، سواء الربح المادي أو نشر الثقافة و دعمها، فإن وجود مثل هذه الأمكنة الراقية يلتقي فيها المثقفون والكتاب و الأدباء والمهتمون بالشأن الثقافي أمر يدعو للتفاؤل، على الأقل بهذه الأيام التي يغزوها الانترنت و ينسحب من حياتها الكتاب، ولقد تعرّفت على الكثير من الشباب في هذه المقاهي ودارت بيننا حوارات كثيرة، وعندما يحتدم النقاش يصبح معظم الموجودين في المقهى مشاركين بالنقاش و طرفاً في الحديث، قد لا نصل لنتيجة لكننا نتبادل الآراء ونؤثر ونتأثر ببعضنا، كما أن المقاهي الثقافية وسيلة لتبادل المنتج الثقافي من الروايات ودواوين الشعر والإبداعات الفنية. نادين سبور طالبة جامعية قسم ترجمة سنة ثانية في جامعة تشرين، تعمل في أحد المقاهي وعن تجربتها قالت: أعمل في أحد المقاهي الثقافية وأنا على تواصل مباشر مع العديد من الشباب الذين يرتادون المقهى بشكل دوري حيث أجد أن كل من يرتاد تلك المقاهي يجدون في تلك المقاهي جواً صحياً وسليماً للتجمع والحوار والتسلية والدراسة حتى، ولكلّ من يتساءل عن سبب ارتياد الشباب الجامعي تلك المقاهي فأقول هو الهروب من الروتين ونمطية تداول مفردات الحياة. رافد لثقافة الشباب! الأستاذ غطفان مخيص رئيس مكتب إعداد القادة وتنمية المهارات الشبابية في فرع الشبيبة باللاذقية أراد أن ينصف الحالة دون وضع نقاط أكثر إيجابية لتلك المقاهي على حساب المؤسسات الثقافية الحكومية وفي هذا المجال قال: كم هو جميل هذا الغنى وتنوع موارد الثقافة إذا كان ضمن التوضع الصحيح بحيث لا ينمو ليحجب الضوء عن المراكز الثقافية ويأخذ دورها وهنا يجب التنبه واليقظة لنستفيد من كون هذه المقاهي الثقافية رافداً مهماً لثقافة الشباب والخوف أن تكون هي المغذي الأكبر لثقافة الشباب وتكون ثقافة شبابنا تحت رحمة السادة أصحاب ومستثمري هذه المقاهي فتبحر مع رياح أفكارهم ورياح مصالحهم مع تأكيدنا على حسن الظن لذلك أتمنى لو وجدت خطة من قبل وزارة الثقافة تتوجه إلى الشباب في هذه المقاهي وتكون شريكة في المواضيع المطروحة لما فيه خير الوطن وشبابه. تحقيق: عفاف حنوف تصوير: باسل معلا |
|