تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


في مديح الأدب .. حاملو نوبل «الإبداع نور الحقيقة»

كتب
الأربعاء 13-2-2013
يمن سليمان عباس

تتوج جائرة نوبل في الآداب حاملها أديباً عالمياً تنطلق شهرته لتملأ الآفاق وتحصد من مهنة الأدب مالاً وفيراً ، ومن المعروف أنه أثناء تسلمه الجائزة يلقي كلمة فماذا قال بعض الذين ألقوا كلماتهم؟.. هذا مايشير إليه كتاب في مدينة الأدب الذي ترجمه إلى العربية أحمد الوزيري.

-ساراماغو: في مديح الشخصية الروائية‏

ومماقاله ساراماغو: إن أكبر علامة عرفته على امتداد عمري كله لم يكن يتقن لاالكتابة ولا القراءة كان يترك مطرح النوم في الرابعة صباحاً ليتجه رأساً صوب الحقول بمجرد ماإن يأخذ الضوء الملتبس بغبش الظلمة في الانتشار فوق المزارع الفرنسية معلناً عن ولادة نهار جديد، لقد كان يصطحب معه قرابة ستة خنازير هي كل ماظل يعتمد عليه في إعالة نفسه وزوجه، هكذا ظل جدي وجدتي من جهة الأم يعيشان على هذا النزر الضئيل من الثروة يقتاتان فقذ مماتذره عليهما تربية الخنازير التي ماإن يبلغ بعضها مرحلة الفطام حتى يقتاد إلى السوق ليباع بقرية أزيناغا الواقعة على أطراف مرابعنا التي تسمى ريبا تيجو.‏

وكنت أنا عادة ماأساعد جدي في أعمال الرعي وفي أعمال حفر الأرض بالمزرعة وقطع الأعواد التي نستعملها للتدفئة كما أذكر أني كنت اصطحب جدتي عند الأصال كذلك لنلتقط أعواد النبات اليابس التي تستعمل أفرشة لقطيع الحيوان.‏

وكان جدي في بعض الأحيان ماإن ننتهي من تناول طعام العشاء حتي يتجه إلى بالقول: سنبيت الليلة ياجوزيه نحن الاثنين تحت شجرة التين.‏

وكنت كلما تمددت تحت شجرة التين وسط سكون الليل البهيم تمليت كالعادة انبثاق نجمة من بين أغصان الشجرة المتشابكة متابعاً كل مايعتور رحلتها أمام ناظري من تقلص في الحجم أو خفوت في التوهج واللمعان إلى أن تصل مرحلة الأفول خلف الشجرة الضخمة ذات الأغصان والأوراق الملتفة.‏

- هارولد بينتر : الكتابة والحقيقة.‏

يسألني البعض دائماًعن الكيفية التي ترى بها مسرحياتي النور وفي كل مرة أحتار ولا أدري ماذا ينبغي علي أن أقول أنا لاأكون كذلك إزاء هذا السؤال وحسب وإنما حين يطلب مني تلخيص مسرحياتي أيضاً بحيث لاأدري ما الذي علي أن أقوله البتة اللهم إلا الإشارة إلى أن هذا هو ماجرى أن أقوله البتة اللهم إلا الإشارة إلى أن هذا هوماجرى وهذا هو ماقالته بعض الشخوص مافعلته .‏

إني أبداً الكتابة المسرحية دائماً بوسم الشخصيات إما بحرف «أ» أو«ب» أو«ج» ففي المسرحية التي صارت فيما بعد تحمل عنوان العودة تصورت أن رجلاً يدخل يدخل إلى غرفة بئيسة ويسأل رجلاً آخر أصغر منه سناً كان يجلس فوق كنبة بشعة لقد كنت أشك بشكل غامض في إمكانية أن يكون «أ» أباً و«ب» ابناً .‏

- اورهان باموك : حقيبة أبي‏

قبل وفاته بعامين أمدني والدي بحقيبة صغيرة كانت ملأى بكتاباته الخاصة وبمخطوطاته ودفاتره وحين استعاد مزاجه الساخر المألوف قال إنه يريدني أن أقرأ محتوياتها بعده أي بعد وفاته.‏

إلق عليها نظرة قال وقد شعر بالقليل من الحرج ... لربما تجد فيها بعض مايستحق النشر سيكون بمقدورك بعد رحيلي أن تختار وأذكر أني بقيت لبضعة أيام أطوف حول تلك الحقيقة بعد رحيل أبي من غير لمسها لقد كنت منذ الطفولة على معرفة جيدة بتفاصيل تلك الحقيبة اليدوية الصغيرة التي تنتمي إلى نوع يدعي المغربي الأدهم بقفلها ودعاماتها المحدبة.‏

وماإن فتحت الحقيبة حتى عادتني ذكرى تلك الرائحة التي ظلت تنبعث منها لماكان أبي يستعملها في أسفاره ثم لاحظت بعد ذلك أنى أعرف بعض تلك الدفاتر المركونة فيها وهي مماكان أبي يطلعن عليه غير أني لم أكن أوليه حيينها أهمية كبيرة، لقد كان أغلب تلك الدفاتر التي تصفحتها دفتراً تلوآخر ينتمي إلي تلك السنوات التي ظل أبي خلالها وهو لايزال يتمتع بنعمة الشباب غالباً مايفارقنا ليسافر نحو باريس .‏

- ج.م.غ لو كلينريو: في غابة المفارقات‏

كلما قلبت النظر في طيعة الأقدار التي ألقت بي في حضن الكتابة وأنا لاأفعل ذلك بدافع الزهو والرضا عن النفس أبداً وإنما بحكم انشغالي بمسألة سواد هذا الموقف وحسب ما تراءى لي بأن البداية كانت بالنسبة لي هي الحير إنني لاأتحدث هنا عن الحرب باعتبارها لحظة كبرى مسكونة بتلك الرجة العنيفة التي يعيش الناس أثناءها بضع لحظات تاريخية فارقة كماحدث للريف الفرنسي مثلاً لماتوزع على خلفية معركة فالمي بين جبهة غوتة الألمانية وجبهة جدي الأول فرانسوا التابعة لنفوذ الجيش الثوري قد تكون الحرب من هذا المنظور شيئاً يستثير في النفوس الحماس والحزن غير؟أنها عندي ليست كذلك وإنما الحرب بالنسبة لي هي جميع مايلاقيه المدنيون خاصة منهم الأطفال الصغار من أشكال المعاناة والآلام والأهوال .‏

- هيرتامولر : منديل للدمع وآخر للكتابة‏

قبل أن أنخرط في الطريق كل صباح كانت أمي تسألني حين أبلغ باب البيت : هل معك منديل؟ ولأني عادة ماأكون بلامنديل فإني اضطر حينها إلى العودة إلى غرفتي والتزود بواحد أنا لم أكن هكذا وبتلقائية أحمل أي منديل معي لأني ألفت أن أسمع من أمي كل يوم ذلك السؤال المعتاد.‏

في حين كان بمستطاعي أن أتدبر بشكل فردي ماتبقى لي من الأمور الأخرى خلال بقية النهار.‏

لقد ظل سؤال هل معك منديل؟ عندنا بمثابة تعبير مفعم بمشاعر الرقة والمواربة ذلك أن التعبير المباشر عن الرقة قد يشعر بلاشك صاحبه ببعض الضيق والإزعاج ثم إن ذلك لمن الأمور التي لايتعامل بها المزارعون بتاتاً مع بعضهم بعضاً فالتعبير عنالمحبة عادة مايتذكر عندهم في هيئة سؤال مادام لايستطيع الواحد منهم أن يعبر عنه إلا بطريقة جافة وبنبرة قوية أشبه ماتكون بتلك الحركات القوية والحاسمة التي يتطلبهاالعمل في المزرعة بل إن فظاظة الصوت بالذات هي ماظل يشي عندنا بمشاعر الرقة والحنان لذلك بالضبط أكون بغير منديل في البداية وأنا أنتظر عند عتبة باب البيت كل صباح كي يكون لي واحداً لاأستطيع الانخراط بعدها في الشارع وأذهب إلى حال سبيلي لقد ظل هذا يعني بالنسبة لي بأن أمي حاضرة معي بفضل ذلك المنديل .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية