|
شؤون سياسية للسيطرة على هذه الدول, ولكن بأدوات وأساليب تتطور تماشيا مع الزمن, لتظهر وكأن هذه القوى الاستعمارية تعمل لصالح شعوب هذه الدول, وفي حقيقة الأمر هي تسعى إلى استعبادها وجعل لقمة عيشها تحت رحمة القادة العسكريين الذين يغزون هذه الدول. الواقع الحالي لمعظم دول المنطقة يشير إلى أن الصهيونية العالمية وراء كل المشاكل والأحداث الدموية التي تجري فيها, إما عن طريق إثارة الفتنة أو شن العدوان أو زرع الجواسيس أو دعم العصابات المسلحة التي ترتكب الجرائم من أجل زعزعة امن واستقرار هذه الدول ومحاولة السيطرة على قرارها السيادي واستطرادا السيطرة على ثرواتها, ضاربة عرض الحائط بكل المواثيق والقرارات الدولية فما حدث في العراق لا يمكن أن ينسى فهذا البلد الذي يتمتع بثروات باطنية كبيرة ولا سيما في مجال النفط وما يتمتع به من ثروات بشرية تضعه في مصافي الدول القوية, كان محط استهداف القوى الاستعمارية ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية وربيبتها «إسرائيل», والدول الغربية التي سارعت تحت ذرائع واهية, تبين عدم صحتها للسيطرة على هذا البلد وغزوه وتدمير مؤسساته تمهيدا لتقسيمه والسيطرة على ثرواته . فمنذ تسعينيات القرن الماضي وهذا البلد لم يهنأ له العيش بسلام, فمع بدء المشروع الاستعماري الاحتلالي الجديد فرضت القوى الاستعمارية الطامعة بخيراته عقوبات اقتصادية استمرت لسنوات في محاولة لإضعافه وكسر إرادة شعبه وضرب وحدته الوطنية, خدمة لمشروعهم في تقسيم المنطقة والهيمنة عليها . فاحتلال العراق كان بداية هذا المشروع العدواني القديم المتجدد في المنطقة, والمليء بالمؤامرات والأجندات الغربية, وقد ساعد في تنفيذ ذلك دول إقليمية لها مصلحة في تفتيت وتمزيق وتقسيم هذا البلد بعدما عجز عنه الأميركي عن طريق فرض العقوبات والحصار الجائر وذلك للنيل من وحدته أرضا وشعبا, لذلك سعت هذه القوى الاستعمارية لإبقاء العراق جرحا نازفا, حيث يواجه مؤامرات وأدوات لإثارة الفتن الطائفية والمذهبية, تقف كل من السعودية وقطر وتركيا وراء ذلك خدمة لأسيادها في البيت الأبيض والكيان الصهيوني . والأحداث الأخيرة التي شهدها العراق من أعمال عنف, يقف وراءها عملاء وكالة الاستخبارات الأميركية والموساد وتنظيم القاعدة الذين صنعوه ودربوه وصدروه إلى المنطقة لإحداث الفوضى والدمار عبر التفجيرات المتواصلة والعنف لإراقة المزيد من الدماء والأرواح البريئة, ومحاولات توسيع الشرخ بين مكونات الشعب العراقي بإثارة النعرات الطائفية,كون ذلك الطريق الأقصر لإكمال مشروعهم العدواني في المنطقة ومن هذا المنطلق حذر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي من فتنة كارثية تتربص بالبلد وتطل برأسها عليه بشكل خطير للغاية داعيا جميع العراقيين إلى الحوار ونبذ كل ما يؤثر سلبا في وحدتهم التي لطالما استهدفت على مدى سنوات عديدة, للعودة بالبلاد إلى عصر التخلف والهيمنة الاستعمارية, مؤكدا إن الطائفية التي تسعى لها هذه الدول في العراق اخطر ما يهدده, حيث تقف وراءها مخابرات إقليمية والقاعدة . لقد استمد المالكي براهينه ودلائله هذه مما كشفته و فضحته الشعارات الطائفية التي رفعت في التظاهرات التي جرت في مدينة الفلوجة بمحافظة الأنبار, داعيا العقلاء لإطفاء نار الفتنة والقضاء على مشروع التقسيم الذي يهدد العراقيين,كما كشفت اجتماعات عقدت في تركيا وقطر ومناطق أخرى لتحضير وتمويل هذا المشروع الذي تعمل عليه باستمرار دول خارجية إقليمية وغربية منذ سنوات طويلة,وتنفذه مخابرات إقليمية موجودة في مناطق المظاهرات, و هذا ما يفسر رفع صور اردوغان في هذه التظاهرات . لقد أكد محللون سياسيون الدور الفاعل لقطر وتركيا في تغذية الأزمة السياسية في العراق عبر دعم الفوضى في هذا البلد, وهذا ما أكده أيضا موقع براثا مطلع العام الحالي, حيث أشار إلى نشاط ملحوظ للمخابرات القطرية لإثارة حرب طائفية بطريقة ممنهجة خفية لتقسيم العراق إلى دويلات وهذا يشير إلى الدور التآمري لقطر وتركيا في الأحداث التي تجري في العراق الأمر الذي دفع بعض المحللين الأتراك للقول إن ذلك سيعود سلبا على تركيا حيث قال الخبير التركي إبراهيم اقبايا بان بلاده ستكون مستهدفة مستقبلا كما في قطر في المخطط الذي يستهدف المنطقة اليوم بسبب التشابه مع دول الجوار,ويأتي السعي لمشروع التقسيم للعراق بعد سنوات تسع من احتلال أميركي لم يجلب إلا الخراب والدمار ومقتل وتشريد وتهجير وتقطيع الأوصال للآلاف من أبنائه وتدمير اقتصاده وسرقة ثرواته وتسميم بيئته واستهداف نخبة علمائه وقادته. هذه الأحداث المأساوية التي تشهدها المنطقة تمهيدا لتقسيمها وتفتيتها يذكرنا بما قاله زيغينو بريجنسكي مستشار الأمن القومي السابق لجيمي كارتر الرئيس الأميركي الأسبق:إن منطقة الشرق الأوسط ستحتاج بحسب ما أسموه ب»تصحيح الحدود» التي رسمتها اتفاقية سايكس بيكو ومقررات مؤتمر فرساي بما معناه إلى إعادة تقسيم المقسم من دولنا العربية وتجزئة المجزأ. هذا المشروع العدواني للمنطقة بدأ عام 1980 وتمت الموافقة عليه عام 1983 لذا تم اختيار العراق للبدء في تنفيذه وهذا يثبت أن مشاريع تقسيم المنطقة ليست وليدة الآن ولذا فعلى الشعوب أن تعي ما يخططونه لها وألا تنخدع بشعارات الحرية والديمقراطية التي يطلقونها لان القوى الاستعمارية لم تعمل يوما إلا لتحقيق مصالحها على حساب مصالح شعوب المنطقة مستفيدة في الوقت الحاضر من تطويع المؤسسات الدولية لإصدار قرارات قد تساعد في عدوانها ومشاريعها التقسيمية. |
|