|
الملحق الثقافي والجواب عليه يخضع لطبيعة المرحلة العمرية التي يعيشها المعني بهذا السؤال، بحيث أن لكل عمر من حياة الإنسان طريقة أو مفهوم خاص للقراءة. بالنسبة إلي –على سبيل المثال- كنت أقرأ منذ سنوات كل ما يقع بين يدي من كتب، بغض النظر عن حجم الفائدة المرجوة منها، أما الآن فقد باتت قراءاتي انتقائية وهي تزداد انتقائية كلما تقدمت بي التجربة وكلما تقدم بي السن، وهو أمر لا أنفرد به وحدي، بل أعتقد أن معظم الأصدقاء والزملاء يشاركونني التجربة نفسها.. ومرد ذلك يعود إلى سببين، أولهما أنه لم يعد لدينا الوقت الكافي للاطلاع وقراءة كل ما تقع أيدينا عليه بسبب مشاغل الحياة الشخصية والمهنية، وثانيهما فهمنا لأهمية ما نقرأ ومدى قدرته على إغناء تجربتنا في الحياة، لاسيما ممن يعملون في مجال العمل الثقافي والفكري. في المقلب الآخر من السؤال، فإن ثمة اعتقاداً راسخاً بأن القراءة لم تعد محصورة بما هو ورقي خالص، والسبب بكل بساطة أن القراءة الإلكترونية أخذت حيزاً مهماً من نسبة القراءة الورقية، بحيث توزعت النسبة بينهما مع اختلاف يكبر أو يصغر عند هذا القارئ أو ذاك، ولهذا فإن الثقافة بمفهومها المعرفي لم تعد تعني قراءة المرء للكتب فقط، بل فيما يقرأه عامة من مصادر المعرفة، وهذا ما لاحظته عند بعض الزملاء الذين يتابعون بشكل شبه يومي ما تبثه وسائط المعرفة الإلكترونية من موضوعات ثقافية وعلمية وسياسية، قد يصعب على القارئ الحصول عليها مما تنشره دور النشر من كتب، بسبب آلية عملها أو بطء إنتاجها، وبالتالي عدم قدرتها على مواكبة كل ما هو جديد أو طارئ. من الملفت للنظر في هذا السياق أن الثقافة الإلكترونية، في معظمها، تستند إلى ضخ المعلومة، أي أنها تقدم المعلومة للقارئ، أكثر مما قد تقدمه القراءات الورقية، بوصفها طريقة علمية جديدة لتلقي المعلومة الخالية من الإطالات المعهودة في مراجع الثقافة التقليدية، وهذا بحد ذاته سبباً مضافاً لأن يكون الشباب من روّاد هذه الثقافة. على الصعيد الشخصي لاحظت أن الشبان الذين في مطلع حياتهم العملية يملكون من المعلومة المعاصرة تحديداً، أكثر مما يملكه الأكبر منهم سناً بعقد أو أكثر، بينما هم أنفسهم، ورغم ميزتهم تلك، يفتقرون القدرة على التحليل والتوصيف والمقاربات النقدية المقنعة. ghazialali@yahoo.com |
|