|
شؤون سياسية ففي المعلومات والأخبار القادمة من عاصمة الضباب فقد بدأت القوات البريطانية منذ 2 أيار الجاري تدريبات أمنية في لندن ومدن أخرى استخدمت خلالها السفن البحرية الملكية ومروحيات سلاح الجو، كما كشف النقاب عن أن وزارة الدفاع البريطانية ستقوم بنشر صواريخ أرض جو في ستة مدن، وستوضع صواريخ وهمية على سطح بنايتين في شرق لندن ومدن الأخرى خلال برنامج التدريب. وقال أحد المسؤولين في الوزارة أنه بحسب الأعراف المتبعة في الحكومة البريطانية فقد تلقى السكان منشورات بالفعل تحذرهم من احتمال نشر منظومة صاروخية، يرجح أن تكون على قواعد في المياه أو فوق أسطح بعض البنايات في لندن، وأضاف المسؤول أنه من المحتمل نشر نظام الدفاع الجوي كجزء من خطة أوسع لتأمين الحماية الجوية للأولمبياد، تتضمن نشر طائرات سريعة ومروحيات لحماية أجواء لندن. هذا الاستنفار البريطاني غير المسبوق والذي أصاب البريطانيين بالصدمة سبقه قيام جهاز الأمن الداخلي البريطاني «إم آي 5» بتنفيذ أكبر عملية له منذ الحرب العالمية الثانية حاشدا رغم «تقشفه» جميع موظفيه البالغ عددهم 3800 موظف لمراقبة الأولمبياد، في حين سيتولى 13500 جندي وعناصر مسلحة من القوات الخاصة ترتدي ملابس مدنية وقناصة إلى جانب عشرين ألف حارس أمن من القطاع الخاص، كما سيتم نشر حاملة الطائرات «أوشين» في مياه نهر التايمز بالقرب من القرية الأولمبية. من يتابع هذه التطورات البريطانية المبالغ فيها يشعر وكأن الحكومة البريطانية تتأهب لخوض حرب جديدة ضد ألمانيا النازية، أو أنها تستعد لصد هجوم نووي من قبل دولة عظمى، والمثير للسخرية هنا هو أن هذه الاستعدادات تأتي في أعقاب معلومات نشرتها صحيفة «صن» البريطانية تقول بأن تنظيم القاعدة يخطط لشن هجوم مميت بمادة السيانيد السامة أثناء دورة الألعاب الأولمبية، وقد أوردت الصحيفة في آذار الماضي بأن متطرفين نشروا تعليمات مفصلة في موقع على صلة بتنظيم القاعدة حول طرق إيقاع مجازر في أولمبياد لندن. الأكثر إثارة للسخرية هو أن بريطانيا نفسها تستضيف على أراضيها أبرز العناصر المتطرفة والإرهابية في العالم بذريعة الدفاع عن حرية التعبير، فرغم اكتواء بريطانيا خلال السنوات الماضية بنار الإرهاب في عقر دارها فإنها مازالت حتى اليوم توظف وتستعمل الإرهابيين ودعاة الأصولية والظلامية الاسلاموية كورقات ضغط وابتزاز ومساومة ضد الدول العربية والإسلامية بهدف الاستحواذ على ثرواتها الطبيعية والهيمنة على قرارها السياسي والاقتصادي من خلال التدخل في شؤونها الداخلية، ورغم انقلاب السحر على الساحر وانتقال معركة الإرهاب المدعوم من بريطانيا وبعض الدول الغربية إلى عقر دارها، فإن هذه الدول لا تزال مأوى وملجأ للإرهابيين من كل القارات. وليس سرا أن الحركات المتطرفة والإرهابية ذات المنشأ الديني قد اتخذت من بريطانيا وعدد من الدول الغربية قاعدة لتصدير أفكارها المريضة إلى عالمنا العربي والاسلامي للإضرار بمصالح دولنا وشعوبنا، وكثيرا ما نشاهد قادة وزعماء هذه الحركات المتطرفة يعبرون عن وجهات نظرهم التخريبية على الفضائيات من لندن وباريس وغيرها من العواصم الأوروبية. وإذا ما عدنا بالذاكرة قليلا إلى الوراء فإن كتائب ما يسمى «أبي حفص المصري، هي التي تبنت الهجمات الإرهابية على شبكات المترو في لندن عام 2005 والتي راح ضحيتها آنذاك 52 قتيلا ومئات الجرحى من المدنيين والمارة، ومع ذلك لا يزال بعض قادة الإرهاب الديني من أمثال أبو قتادة وأبو حفص وغيرهم يعيشون في بريطانيا معززين مكرمين في مفارقة يصعب على العقل تقبلها. هذه المعطيات هي التي تجعل بريطانيا موضع التهمة وليس العكس، وهي التي تجعلنا نتأكد بأن الإرهاب الحقيقي قادم من هناك أي من لندن ومن باريس وواشنطن، وهو نفس الإرهاب الذي تجلى بأبشع صوره في العراق وأفغانستان وليبيا، وهو الإرهاب الذي يمارسه الكيان الصهيوني كل يوم ضد الشعب الفلسطيني الأعزل بدعم وتغطية وتسليح غربي، فما الذي تخشاه بريطانيا خلال دورة الألعاب الأولمبية وممن تخشى..؟، من الصعب على عاقل أن يصدق أن دولا ستهاجم بريطانيا خلال الأولمبياد أو أن يتمكن تنظيم ما أو شخص ما بنقل أسلحة كيماوية أو متفجرات لشن هجوم على لندن أو غيرها من العواصم الأوروبية، فالإرهاب والسلاح كله موجود هناك ومن هناك يتم تصديره إلى كل أصقاع العالم. |
|