تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أيها الشبح الذي هناك...

لبنان
معاً على الطريق
الأربعاء 16-5-2012
نبيه البرجي

برابرة..

برابرة بكل لغات الأرض، وبكل ثقافات الأرض، فأي ثورة هذه، وأي ديمقراطية هذه، عندما يطفئون عيون الأطفال، وعيون الأمهات، وعندما يذهبون بالأب إلى المقبرة، وهو الذاهب إلى اللقمة الحلال التي لم تتلطخ لا بالذهب الأسود ولا بالدم الأسود..‏

هل كان النظام في حقيبة ذلك الطفل الذي تبعثرت دفاتره، وامتزجت بقايا الكتب في بقايا القلب؟ وهل كان النظام في قميص تلك المرأة التي لم تتمكن بأشلائها أن تترك لذويها ولو هنيهة من الأنين؟ وهل كان النظام في الهواء، وفي أشعة الشمس، وفي الأزهار لكي تسقط كلها بيد من يريدون لسورية، وللسوريين، الحرية والديمقراطية، وبالدرجة الأولى... الحياة!‏

فقط نقول لأولئك الذين يمضمون الليالي الليلاء على ضفاف الدردنيل في اسطنبول، أو على أرصفة الليدو في باريس، أقفلوا أفواهكم البشعة، وتخلوا عن تلك العبارة الغبية، والغبية، والغبية، أن النظام من فعل هذا، فهل فات هؤلاء من هم الانتحاريون، وهل فاتهم ما يدعو إليه العرعور الذي هدد علناً بالسواطير العابرة للقارات، ثم قرأ الفاتحة على أبي مصعب الزرقاوي لأن (شيخ المجاهدين) على ضفاف دجلة هو نفسه شيخ المجاهدين على ضفاف بردى؟.‏

قلنا إننا نكتب، ونصرخ، من أجل سورية لا من أجل النظام، فهل يكفي أن يغسل المعارضون، معارضو الموائد العامرة، أيديهم من المذبحة لكي يغسلوا ضمائرهم من الفضيحة، وهم يعرفون أن مصاصي الدماء الذين يمسكون الآن بالزمام، لا يرون معارضي الفنادق الباذخة سوى بضاعة بالية لا أثر لها ولا تأثير، لا فوق الأرض ولا تحت الأرض..‏

سريعاً سقطت الأقنعة، كل الأقنعة، فالمهم هو حصار النظام، وخنق النظام، حتى ولو أخرج أبو مصعب الزرقاوي من قبره، وحتى لو وضعوا بساط الريح بتصرف أيمن الظواهري، وحتى لو لم يصل الأطفال إلى المدرسة، ولم يعد الآباء إلى منازلهم، وحتى لو ملأت دموع الثكالى هذا الليل العربي الذي يبدو أنه سيظل ليلاً حتى يوم القيامة..‏

كيف يكون المرء معارضاً، ثائراً، ساخطاً ولا يكون ضميراً؟ هنا المال المال يصنع طرازاً خاصاً من المعارضين، وطرازاً خاصاً من الثائرين، وطرازاً خاصاً من الساخطين، رفيق لهم استيقظ ضميره قال «فيما يغرق أهلهم بالدم يغرقون هم بالشامبانيا» شتان بين الدم والشامبانيا. ولكن ماذا تراهم يفعلون غير ذلك أكانوا في حضرة الصدر الأعظم أم في حضرة القناصل؟..‏

أيها الشبح الذي هناك أيها الدمية الذي هناك، بل أيها القهرمانة الذي هناك، هل لديك الجرأة أن تنظر في عيني ثكلى؟ هل لديك الجرأة لتقول إنهم يقتلون الشام التي ترابها معطفنا من الأزل وإلى الأزل..‏

وستبقى....!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية