تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الرأي الآخر

معاً على الطريق
الاحد 17/7/2005م
د.اسكندر لوقا

أن يكون للإنسان رأيان في مسألة واحدة,ليس عيباً.وأن يكون له أكثر من رأيين في المسألة الواحدة أيضاً ليس عيباً,

العيب هو أ لا تنتظم هذه الآراء في وحدة متكاملة فيناقض بعضها بعضاً لمجرد اختلاف الأزمان والأحوال والمصالح خصوصاً.ومع اعترافنا بأن ثمة مواقف قد تدفع بالمرء أحياناً,كي يستبدل رأياً برأي آخر,بيد أن هذا يجب ألا يكون على حساب المبادىء في الحياة.من ذلك,على سبيل المثال,مبدأ التمسك بالقيم المثالية,كالوفاء وقول الحقيقة والاعتراف بالجميل وما إلى ذلك مما يندرج تحت عنوان احترام الذات قبل احترام الغير,وإن يكن مثل هذا التصرف صعباً لديهم.‏‏

من هنا,نرى كثيرين من الناس ,يتنكرون لأنفسهم قبل أن يتنكروا للغير في الأوقات التي تبدو لهم صعبة لسبب أو لآخر.ومع هذا يبقى هذا الجانب من السلوك الإنساني خارج المعادلات الأخلاقية في العرف الاجتماعي,بل والطبيعي لتكوين الإنسان المتصالح مع نفسه,مهما كانت أوقاته صعبة أو تبدت له صعبة.وثمة أمثلة لا تحصى عن أناس كانت حياتهم ثمناً لمواقفهم الثابتة,فآثروا أن تتردد أسماؤهم بين المضحين بأنفسهم من أجل إخلاصهم لمبادئهم ومثلهم العليا,بدل أن ينقسموا على أنفسهم,كخلية مصابة بمرض خبيث.‏‏

وحين نشاهد في أيامنا هذه,أو نقرأ, على الشاشات الفضائية,عربية كانت أم ناطقة باللغة العربية,ما نشاهد ونقرأ,نزداد دهشة للتحول الذي يصيب بعضاً من الناس بين ليلة وضحاها,جهلاً أم تجاهلاً,ناسين أو متناسين أنهم كانوا أنفسهم قبل حين من الزمان ولم يعودوا اليوم كما كانوا بالأمس القريب.ولهذا الاعتبار,يتساءل أحدنا,أين كان مخبّأ هذا الرأي الآخر,هذا الرأي الجديد,لدى هذا الإنسان أو ذاك,قبل أن يظهر على الملأ استجابة لما يريده الآخر منه في ظرف ما طرأ على الساحة السياسية أو غير السياسية,فاستدعته كي يسرع لاقتناص أبعادها وبالتالي كي يسرع لاستثمار تداعياتها قبل أن يستثمرها سواه?‏‏

عندما يكون الرأي الآخر مخبّأ لسبب ما في نفس يعقوب,فإن ظهوره في ظرف ما,لا بد أن يحرج صاحبه بشكل أو بآخر,ومهما فعل كي يختبىء وراء ما فعل,ذلك على غرار ما نشاهد ونقرأ هذه الأيام,عندما تتهدد المصالح الشخصية بالنسبة لهذا الشخص أو ذاك,وخصوصاً في مناسبة تتاح له فرصة للتنافس على الموقع أو المكان الذي يشكل أو كان يشكل بالنسبة إليه حلماً في وقت من الأوقات,إلى أن سنحت له الفرصة من أجل الوصول إليه قبل وصول سواه إليه.‏‏

إنه المرض الذي يصيب أصحاب النفوس الضعيفة في كل زمان ومكان,كذلك هو يصيب أصحاب النيات السيئة التي كانت مبيتة لسبب من الأسباب,حتى إذا ما رفع الغطاء عنها ظهرت على حقيقتها.وهذا ما يحدث,غالباً,في مناسبات الهرولة نحو مكسب مادي أو معنوي, في أي مجتمع من المجتمعات.أقول في أي مجتمع من المجتمعات حتى لا يتبادر إلى ذهن القارىء أنني أعني مجتمعاً بعينه,أو زماناً بعينه!‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية