تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الهيرالدتريبيون: من قصص الموت في الكونغو..!

الهيرالدتريبيون
دراسات
الاحد 17/7/2005م
ترجمة: نشأت زيدان

ركضت ديكبالا كثيراً في السنوات السابقة من أجل الحفاظ على حمايتها,لكنها ضلت الطريق في الهروب من الموت,

هربت في المرة الأولى عام 1999 ,عندما انفجر العنف في منطقة إيتوري الواقعة شمال شرقي الكونغو,وفر معها زوجها طويلاً, لكنه أصيب في ظهره,أثناء تركه القرية مع عائلته.ألقى بعض المقاتلين العرقيين القبض على ديكبالا وزوجها.لقد قتلوه بالمناجل.وكانت تقف متفرجة وهم يقطعونه,فلم تستطيع فعل شيء سوى الهروب.‏‏

الهروب من أجل البقاء على قيد الحياة,أصبح مشكلة يومية عند الناس في ذلك الجزء من العالم,وأصبح الانتقام بين القبائل المتحاربة,مثل قبيلتي هيما وتيندو,هو السائد في منطقة إيتوري التي تحولت إلى البقعة الأشد عنفاً في الكونغو.‏‏

( لقد أصبحت القرى خاوية) هذا ماأكده موظف الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية موديبو تراوري وأضاف: ( لم نستطع الوصول إلى الناس.إنهم مختبؤن,ونحن لانملك أدنى فكرة لما يحصل لهم).‏‏

خففت مشاورات السلام من عنف الحرب في الكونغو,لكن هذا العنف لم يتوقف أبداً في هذه المنطقة.إنها منطقة غنية بالثروات المعدنية,وهذا مايدفع الناس إلى الاقتتال والقتل.وآخر مرة كسرت فيها الهدنة,كانت في كانون أول الماضي,عندما اتفق مقاتلو تيندو مع الجبهة الوطنية وجماعة المؤيدين للدمج العنصري,وشنوا هجوماً على قرى تابعة لقبيلة هيما,وهجروا ما يقارب 7000 إنسان من منازلهم.الوحيدون الذين يقفون في وجه مقاتلي تيندو,هم قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة,الذين استطاعوا تخفيف هجمات هذه القبيلة على إيتوري.‏‏

مارغريت كاري,موظفة الأمم المتحدة في قسم عمليات حفظ السلام,قالت خلال حديث لهافي نيويورك:( هناك تغيير في عملية السلام,هناك تحركات عسكرية في إيتوري.إن حفظ السلام يسير أفضل الآن).‏‏

لقد تسبب زعماء تيندو بقتل عدد من المدنيين من قبل قوات الأمم المتحدة,لكن الناطق باسمها رفض الاتهام,وقال( هناك نساء من بين خمسين قتيلاً خلال المعركة التي جرت في بونيا,وإن الأمم المتحدة ما زالت تبحث عن تقارير تفيد بأن من بين المدنيين المقتولين في هذه المعركة نساء وأطفال).‏‏

في هذا الوقت ,هربت ديكبالا من قريتها,كما الآخرين,لقد قفزت من على حصير نومها عندما سمعت إطلاق نار وصراخاً مرعباً.أيقظت الأولاد والأحفاد,وخرجوا جميعاً من الكوخ نحو الغابة.وحين شعرت ببعض الأمان بدأت بتعداد الأطفال الخمسة عشرة.المرأة ذات 52 عاماً.عاودت الركض بقدميها العاريتين المتشققتين,وبطفل عار على ظهرها.‏‏

ليست ديكبالا وحيدة في مأساتها,فهناك حوادث جرت مع فتيات اختطفن واغتصبن,وأناس علقوا وشنقوا.وفي مشفى بونيا,شوهد طفلان في الثامنة من عمرهما,وعلى رقبتيهما لفافتان كبيرتان تغطيان جرحين,لقد أقدم المقاتلون على قطع رأسيهما.‏‏

إن كثيراًً من الذين هربوا من منازلهم,يعيشون في مخيمات متفرقة في بونيا عاصمة الإقليم,التي كانت مركزاً للمذابح العرقية في ربيع .2003 هناك مخيم قرب المطار فيه عشرة آلاف من الهاربين من منازلهم في سنوات سابقة.وبعض من الذين شردوا يعيشون مع أصدقائهم أو أقاربهم.‏‏

ديكبالا كانت محظوظة بنجاتها.لكن شقيق زوجها,الذي هرب من القرية مع عائلته منذ سنين,يعيش في كوخ من القش والطين في قرية صغيرة خارج بونيا .هناك أربعون عائلة تعيش في البيوت الطينية يحسبون خطواتهم.أما التفكير بعودتهم إلى قريتهم,فهو أمر صعب,بوجود قبيلة تيندو التي تسيطر عليهم وتمنعهم من دخولها.‏‏

ما تعتقده قوات الأمم المتحدة,أن ميليشيات مقاتلي قبيلة تيندو هم الذين قتلوا تسعة من جنود الأمم المتحدة البنغلاديشيين في معارك منفصلة لكن القوات الباكستانية العاملة مع قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام,قتلت مؤخراً خمسين مقاتلاً من هذه الميليشيات.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية