|
علوم ومجتمع بل إنها النجاح والعدل بحد ذاتها, من هنا نقول : إن وجود المحاكم والعدليات بما يتناسب مع أهمية هذه المهنة, إلى جانب الكوادر المؤهلة ذات الخبرة والكفاءة, وتحقيق المتطلبات الضرورية لها سواء المادية منها والمعنوية, هي المقياس المباشر في تحديد مدى النجاح... وليس غريباً أن نرى أو نسمع عن خطوات جادة, ونية صادقة للارتقاء بواقع العمل القضائي وتذليل الصعوبات التي تعترض حسن سيره من خلال مفاهيم وأسس جديدة تدخل ضمن إطار ما ذكرناه سابقاً, وضمن الإمكانات المتاحة التي نتمنى أن تكون على مستوى الطموح والعمل, وقد كانت هذه القضايا حاضرة بقوة في الاجتماع الذي عقده السيد وزير العدل مؤخراً مع السادة المحامين العامين وإدارة التفتيش القضائي, حيث أصر عدد كبير من المشاركين أن نتحدث إليهم عن معاناتهم وظروف عملهم, والأسباب التي تحد من نشاطهم وتمنعهم من تحقيق ما يصبون إليه على صعيد العمل القضائي, إلى جانب قضايا أخرى في إطار وقائع ومعطيات حية. تراكم في الدعاوى السيد محامي عام حلب يقول: العاملون في تناقص مستمر مقارنة مع زيادة الدعاوى, كما أنه هناك ضيق في الأمكنة حيث لا يستطيع القضاة الدوام ما يضطرهم إلى أن يناوبوا على المكان وهذا خلق حالة من تراكم الدعاوى وعدم القدرة على إنجازها إضافة إلى وجود خلل في المحاكم وتقاعس من قبل بعض القضاة, وفي حلب تم تدوير أكثر من 55 ألف دعوى خلال عام واحد!! السيد المحامي العام في السويداء قال: إن معاناة المواطنين وعدم إمكانية إنجاز قضاياهم كما يجب هي نتيجة لضغط العمل وقلة المحاكم المختصة, أما محامي عام دير الزور فقال: لا يوجد مفتش قضائي واحد في المحافظة ومعظم محاكم دير الزور بلا أقواس ونعاني من نقص في الكوادر بشكل واضح. وأكد معظم المحامين العامين من مختلف المحافظات أن الافتقار إلى وسائط النقل وأماكن العمل وعدم وجود الحافز من أهم المعوقات التي تقف في وجه العمل القضائي. وقائع حية القاضي عبد الرحمن دامس رئيس محكمة الاستئناف الأولى بحمص يقول: ما لاشك فيه أن هناك حاجة ماسة لتعديل بعض القوانين والتشريعات وقد صدرت فعلاً قوانين وتشريعات جديدة تواكب المتغيرات والمستجدات الحياتية, والمبادىء الأساسية موجودة, لكن الأمر يتطلب العمل والتنفيذ وتطبيق القانون ليس أكثر, ونحن القضاة نعاني الكثير من الصعوبات ونجد أنفسنا بعيدين عن الواقع الفعلي في العديد من المسائل منها على سبيل المثال التعويضات التي تعطى لنا فهي تحسب على أساس قانون الموظفين لا القانون الأساسي للعاملين في الدولة, حيث نتيجة ذلك يحصل الكاتب العدلي الذي تحسب تعويضاته وفق أساس القانون الأساسي على تعويض ضعفي تعويض القاضي لها وهذا ينطبق أيضاً على اذن السفر وتعويض ربع الراتب. كما أن أي زميل لنا موظف في مكان آخر غير القضاء يطبق عليه القانون الأساسي بينما نحن قانون الموظفين يحكمنا..! ويتابع القاضي دامس قائلاً: المفارقة العجيبة هي أن زوجتي مثلاً (توظفت) بعدي بسبع سنوات, راتبها الحالي أكثر من راتبي بحوالي 3000 ل س علماً أنه لدي خدمة أكثر من 25 عاماً..!! الأمر الآخر هو أن سقف الراتب للموظفين على أساس القانون الأساسي يصل إلى حوالي 24 ألف ليرة سورية بينما نحن محدد السقف ب¯ 12,900 ل س والسؤال هنا: لماذا هذه المفارقات الغريبة في قوانين العمل ?! أضف إلى ذلك أنه في العام 2003 فقط تم تطبيق نظام الترفيعة 9% وهذا التعديل لم يكن ذا مفعول رجعي, وهناك زملاء حصلوا على أحكام قضائية في هذا الشأن لكنها بقيت بلا جدوى ودون فاعلية. كوادر المعهد القضائي وعن تجربة المعهد القضائي في رفد القضاء بالكوادر والعناصر المؤهلة يؤكد القضاة أنها من حيث المبدأ تجربة جيدة جديرة بالاهتمام والرعاية والمتابعة لكن الآلية تحتاج إلى إعادة نظر كما لابد من الاهتمام أكثر بالناحية العملية في تأهيل وتدريب القضاة الذين يتخرجون من المعهد, فالعيب ليس في القوانين لكن بمن هم معنيون بالقانون وتطبيقه. ورداً على سؤالنا عن توقعاتهم لتحسين الأداء في العمل القضائي, وفيما اذا كانت هناك خطوات جادة في هذا المجال أوضح السادة القضاة بأن النية متوفرة وقالوا: لقد خطونا خطوات لامسها المواطن بعض الشيء ولو كانت دون المأمول, وهناك خطوات لاحقة أخرى , والسيد وزير العدل لا يدخر جهداً في متابعتها ويعمل جاهداً مع الجميع للنهوض بواقع العمل القضائي والارتقاء به إلى المكانة التي يجب أن يصلها. |
|