تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الأسرى الفلسطينيون.. ظروف مأساوية وأساليب ابتزاز مستمرة

شؤون سياسية
الاحد 17/7/2005م
حكمت فاكه

مأساة الشعب الفلسطيني كبيرة وجرح نازف يزداد عمقاً وألماً مع كل يوم تتواصل فيه معاناة الآلاف من الأسرى من ابناء هذا الشعب القابعين خلف قضبان الظلم والاضطهاد في سجون الاحتلال الاسرائىلية البغيضة ولا سيما اولئك المرضى منهم.

وقد أصبح الاهمال الطبي في هذه السجون احد العلامات البارزة والأسلحة التي تستخدمها سلطات الاحتلال لقتل الأسرى وتركهم فريسة سهلة للأمراض الفتاكة القاتلة في وقت تحمل فيه الانباء أن غالبية الأسرى يواجهون مشكلات عديدة في اوضاعهم الصحية نظراً لتردي ظروف احتجازهم في السجون الاسرائيلية.‏‏

فخلال فترة التحقيق يحتجز المعتقلون في زنزانات ضيقة لا تتوفر فيها أدنى مقومات الصحة العامة أو يتعرضون لسوء المعاملة والضرب والتعذيب والارهاق النفسي والعصبي, ما يؤثر على اوضاعهم الصحية بشكل سلبي.‏‏

وهذه الزنزانات عادة ما تكون مزدحمة ومكتظة تفتقر إلى مقومات المعيشة والصحة فلا يوجد بها اغطية كافية, ولا تهوية مناسبة ولا امكانية للاستحمام, والطعام الذي يقدم للأسرى رديء للغاية وكمياته قليلة, إضافة إلى النقص الشديد في مواد التنظيف والتعقيم ما يحول دون امكانية تصديهم للأمراض والحشرات.‏‏

ففي الآونة الأخير اعلن أن عدداً من الأسرى في سجن -عوفر- العسكري قرب بيتونيا قضاء رام الله في الضفة الغربية , اصيبوا بمرض الحصبة وأمراض جلدية أخرى انتشرت بينهم بسبب انعدام الظروف الصحية الملائمة.‏‏

واوضح نادي الأسير الفلسطيني, أن سبعة أسرى اصيبوا بهذا المرض الجلدي الذي يشبه الحصبة حتى الآن.‏‏

وإن العدد مرشح للزيادة, حيث انتشرت البثور في معظم اجسام الأسرى الذين اصيبوا بهذا المرض وتنتهك إدارات السجون الاسرائيلية سواء التابعة للجيش أو لمصلحة السجون الاتفاقات الدولية ذات العلاقة بالرعاية الصحية والطبية للمعتقلين المرضى وخاصة المادة 92 من اتفاقية جنيف الرابعة, حيث تفتقر سجون الاحتلال إلى اطقم طبية متخصصة, وبعض السجون لا يوجد بها طبيب وإذا وجد فإن دوامه في السجن لا يتجاوز الساعتين.‏‏

واوضحت وزارة الأسرى في تقرير لها أن العشرات من المعتقلين الذين اجمع الاطباء على خطورة حالتهم الصحية وحاجتهم الماسة للعلاج واجراء عمليات جراحية عاجلة بما فيهم مسنون وأطفال ونساء, ترفض إدارة السجون نقلهم للعيادات أو المستشفيات.‏‏

وما زالت تعالجهم بحبة (مسكن) يصفها الاطباء لجميع الامراض على اختلافها كمرض السكري والقلب والسرطان وضعف البصر والكلى والامراض الجلدية والاعاقات والامراض النفسية والمصابين بالرصاص.‏‏

ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد, بل عمدت إدارة السجون إلى استغلال مرض الأسرى وحاجتهم للعلاج, لابتزازهم واجبارهم على التعامل مع الاحتلال أو تقديم معلومات عن انفسهم وغيرهم من الاسرى, وإلا لن تقدم لهم العلاج.‏‏

وخاصة الاسرى الذين يخضعون للتحقيق والذين يعتقلون بعد اصابتهم بالرصاص, والضغط عليهم بعد اسعافهم أو علاجهم لكي يقدموا اعترافاً أمام جهاز المخابرات الاسرائيلي الذي يحقق معهم.‏‏

وبهذا الدور الخطير والاجرامي يتواطأ من يدعون بالاطباء في عيادات ومستشفيات السجون مع رجال التحقيق في مهامهم القمعية ضد الاسرى, بصرف النظر عن حاجة المريض الاسير للعلاج أو المساعدة.‏‏

وبدا ذلك واضحاً من شهادات العشرات من الاسرى الذين تم نقلهم للعلاج في مستشفى الرملة, الذي لا يمكن تسميته بالمستشفى, بل يعد قسماً من أقسام العزل والعقاب تمارس فيه سلطات الاحتلال جميع اشكال التنكيل والتعذيب بحق الاسرى المرضى, وتحرمهم من ابسط حقوقهم التي نصت عليها جميع القوانين والاتفاقيات الدولية,وكفلتها المؤسسات الإنسانية.‏‏

لهذه الأسباب, حملت العديد من المنظمات الدولية, وخاصة الطبية منها إدارة السجون المسؤولية الكاملة عن صحة الاسرى المرضى الجسدية والنفسية حيث أن طبيب السجن لا يقدم أية رعاية للمريض الاسير وهو بهذا يعتبر شريكاً في التعذيب.‏‏

وحسب تقرير صادر عن منظمة اطباء لحقوق الإنسان, فإن كلاً من الطاقم الطبي والعيادة في السجون غير مهيأ لاستقبال الاسرى الذين يصل عدد منهم وهم مصابون بأمراض عدة أو بعضهم يتطلب متابعة الفحص والاشراف الطبي المتواصل والظروف في اقبية التحقيق ومراكز الاعتقال سيئة للغاية وغير صحية, كما يتعامل السجانون باستهتار مع الشكاوى المتعلقة بالمشكلات الصحية لدى الأسرى.‏‏

ويضطر الاسير للانتظار للفحص لزمن طويل ما يعرض حياته للخطر, وحملت المنظمة إدارة السجون المسؤولية عن تدهور حالة الاسرى نتيجة تركهم دون فحوصات ومتابعة علاج مناسب لزمن طويل ما يؤدي إلى انخفاض فرص شفائهم واصابتهم بأمراض خطيرة في مراحلها المتقدمة.‏‏

وتزداد اعداد الاسرى المرضى نتيجة الأوضاع المزرية داخل السجون والتي توفر الأرضية الخصبة للامراض, ونتيجة الاهمال الطبي المقصود, حيث شهدت اعداد الاسرى المرضى داخل السجون ارتفاعاً ملحوظاً.‏‏

وتتجسد أهم صور الاهمال الطبي في المماطلة في اخراج الاسير المريض إلى العيادة إلا بعد احتجاجات شديدة من قبل الاسرى.‏‏

وهذا الامر الذي ادى إلى استشهاد أحد الاسرى في سجن مجدو, حيث شعر بصداع وضيق في الصدر, وطلب الاسرى اخراجه إلى العيادة عدة مرات, لكن الإدارة رفضت وتم اعطاؤه مسكناً للألم, ولكن حياته تدهورت بشكل ملحوظ وحين حضر الطاقم الطبي كان الاسير قد لفظ انفاسه الأخيرة.‏‏

ولا تتقيد إدارة السجن غالباً بصرف العلاج اللازم لحالة المريض الصحية, وتستعيض عن ذلك بالمسكنات كما تفتقر العيادات إلى الاطباء الاختصاصيين, وغالباً ما ترفض الإدارة نقل الاسير المريض إلى المستشفى على الرغم من خطورة حالته, وتوصية الطبيب بذلك.‏‏

وتمنع إدارة السجون السماح لأطباء من الخارج بزيارة الاسرى المرضى والاطلاع على حالتهم الصحية وسوء معاملة الاسرى المرضى من قبل الاطباء والممرضين وكذلك عملية نقلهم إلى المستشفى على الرغم من خطورة حالتهم, وهم مقيدو الأرجل والأيدي في سيارات شحن وعادة ما يتم تقييدهم بقيود حديدية في اسرتهم داخل المستشفى.‏‏

ولا يتلقى الاسرى المرضى طعاماً خاصاً يلائم حالتهم الصحية, بل على العكس فإن الطعام المقدم لهم سيىء كماً ونوعاً, ويضطر الاسير المريض إلى الانتظار فترات طويلة لاجراء فحوصات أو تحاليل معينة.‏‏

وكذلك تماطل الإدارة في اجراء عمليات جراحية الأمر الذي يعرض حياتهم للخطر ولا يسمح لأهل المريض بزيارته أو الاتصال به أو أن يتصل هو بهم.‏‏

وبهذا الخصوص, أكد وزير الاسرى والمحررين سفيان أبو زايدة أنه يوجد في السجون والمعتقلات الاسرائيلية العشرات من الاسرى المرضى المصابين بأمراض خطيرة جداً تهدد حياتهم في أىة لحظة, كحالة المريض الاسير مراد أبو ساكوت البالغ من العمر ثمانية وعشرين عاماً من مدينة الخليل.‏‏

فهو معتقل منذ أكثر من ثلاث سنوات, يعاني من سرطان الدم في مراحله المتقدمة, ويتواجد منذ تسعة أشهر في سجن مستشفى الرملة.‏‏

وحالته تزداد سوءاً يوماً بعد يوم, حيث ينتشر السرطان في باقي انحاء جسمه ويحتاج إلى متابعة ورعاية مستمرة وهذا لا يتوفر في سجون الاحتلال.‏‏

هذا هو الوضع المزري لحالة الاسرى المعتقلين الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال, وكأن احتلال الأرض واغتصابها وتشريد شعبها وتهديم بيوتهم لا يكفي, ليطال الوضع الصحي لهؤلاء المعتقلين ليزيد من تفاقم حالتهم الصحية والنفسية.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية