تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ندوة... المعري شـاعراً وفيلسوفاً..

ثقافة
الخميس 19-9-2019
عبد المعين زيتون

أقامت الهيئة العامة السورية للكتاب, ضمن الفعاليات المرافقة لمعرض الكتاب في دورته الحادية والثلاثين ندوة أدبية بعنوان: (المعري شاعراً وفيلسوفاً), في قاعة المحاضرات في مكتبة الأسد الوطنية

‏‏

في دمشق بعد ظهر أمس الاثنين, شارك فيها: د.جهاد بكفلوني, و د.محمد قاسم, وأدارها الكاتب سمير عدنان المطرود.‏‏

انبرى فيها السادة المشاركون في الدفاع عن شيخ المعرة وشاعر العرب العظيم أبي العلاء المعري..‏‏

واعتبر مدير الندوة أن المعري كان عرضة لمظلمة النقاد, الأقدمين والمعاصرين, وأنه القامة الشعرية العربية الفذة التي ظلمت في الأدب العربي, مشيراً اللقب الذي أطلقه عليه عميد الأدب العربي د.طه حسين, حين وصفه براهين المحبسين, وقد عم اللقب وشاع عن المعري في المناهج الدراسية في سائر أمصار الوطن العربي. وقد رأى فيها الأستاذ المطرود مظلمة لحقت بالشاعر الكبير, لأنه في الحقيقة كان رهين محابس عديدة, إذ أنه كان رهين محبس المرأة لأنه لم يتزوج, وكان رهين الطعام, لأنه لم يأكل إلا النبات, ورهين زمامة الخلقة لإصابته بمرض الجدري منذ طفولته, ورهين الفكر لأنه لم يبع فكره للآخرين..‏‏

وأشار إلى مظلمة النقاد الأقدمين, التي لحقت بالمعري, التي جاءت على يد ياقوت الحموي في معجمه, حيث اعتبر الحموي آنذاك, أن داعي الدعاة في الدولة الفاطمية في مصر هبة الله موسى بن أبي عمران, أسكت أو أفحم المعري, وأوضح الأستاذ المطرود, أن المعري وهبة الله تبادلا نحو (٨٠٠), رسالة, وأن الحقيقة أن المعري لم يجب على الرسالة الأخيرة ل هبة الله, الذي دعاه فيها ليكون مكرما في بلاط الأمير, وأن المعري لم يجب عليها لأنه ٱثر الوفاء والإخلاص للدولة الحمدانية التي ينتمي إليها, ورفض الالتحاق بالدولة الفاطمية ليبيع فكره هناك.‏‏

وعلى محوره النحوي الأدبي في شخصية وأعمال ونتاج المعري, استفاض, الأكاديمي والباحث المعروف د.محمد قاسم بسرد مقاطع شعرية ثرة من شعر المعري ولج من خلالها إلى ملامح شخصية المعري الفذة, وحياته, وطباعه, وتأثره بالشاعر الكبير أبي الطيب المتنبي, وشرحه ديوانه, واستعرض إبداعاته لمفردات لم ترد من قبل, ولم يتناولها شعراء العرب السالفون, كالأستاذ, واللبانة, والحباري, وغيرها, معتبراً أن الحضارة العربية, لم تعرف رجلا كأبي العلاء المعري في أصالة الرأي, وإحكام القول, والإحاطة بالعربية وعلومها, وعرض د.قاسم المراحل الأساسية التي ميزت حياة المعري منذ ولادته, وحتى وفاته, معتبرا أن العمى الذي أصاب فيلسوف الشعراء وشاعر الفلاسفة, منحه فائضا من القيمة في كل شيء, فتمتع بالبصيرة والذكاء, ومحابسه أعطته مزيدا من التفرغ, فنظم اللزوميات, وألف رسالة الغفران, وشاعت شهرته في الآفاق والبلاد, فتوجهت إلى شيخ المعرة كل الأنظار والطلاب, وكاتبه من لم يستطع الوصول إليه, من علماء ووزراء وذوي الرتب, وأكد د. قاسم أن المعري أوتي من العلوم أوسعها بجده واجتهاده, وأن عماه أبعد عنه تشتت الباصرة وأن عزلته مكنته من الكتابة والتأليف, حيث تجاوزت مؤلفاته السبعين كتابا, مابين المنثور, والمنظوم, تناول فيها شتى موضوعات الأدب واللغة والفلسفة والدين وعلم الاجتماع.‏‏

وعلى محوره من حياة وآثار المعري, رأى الدكتور جهاد بكفلوني, أن النقاد رأوا أن المعري في لزومياته, إنما حاول أن يثبت علو كعبه, وطول باعه اللغوي, لكن الحقيقة أن (الشاعر العظيم)، كما وصفه الباحث, لم يكن بحاجة إلى أن يثبت ذاته النافذة في الأنحاء والأرجاء, ورأى د. بكفلوني أن الفهم الحقيقي للزوميات المعري, تفيد بأنه إنما استقدم كل الظواهر المرضية في عصره, وتناولها بالتحليل والنقد, لابل واستقرأ من خلالها الآتي من خلال رؤى قدمها بحكمة العارف وبلاغة العالم بخفايا الأمور, وأشار بكفلوني ليثبت ماذهب إليه بهذا البيت الشعري للمعري إذ يقول:‏‏

يكررني ليفهمني رجال.. كما كررت معنى مستعادا‏‏

ورأى د.بكفلوني أن المعري كان من عشاق الشاعر الكبير أبي الطيب المتنبي, وقد نصب من نفسه مدافعا عنه, ومؤيدا لكل ما طرحه المتنبي من فكر وقيمة وأدب في شعره, وولج الباحث في شخصية المعري من خلال ٱثاره متناولا صفات المعري وسمات شخصيته, وملامحها, ووصفه بأنه كان رقيق القلب, دقيق الحس والشعور, سريع التفاعل والانفعال, شديد الحياء, حريصا على سمعته, خبيرا بمواقع النقص في البشر, وطرق السخرية منها, محبا للعزلة, كارها للدنيا, كثير الشكوك, مائلا إلى التفرد والتشاؤم, طعامه العدس والتين, لا يمد يده إلى سائر أصناف الطعام الأخرى, ولم يستبح الخمرة, بل كان يحذر منها ويحذرها, مواظبا على الصلاة, كثير الحض عليها.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية