تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


بين مفهومي الإرهاب.. والثورة..!

كواليس
الأحد 17-1-2016
سليم عبود

العالم اليوم يعيش فورة إنتاج المصطلحات.. ووفق تلك الفورة نجد الفجوة الفكرية والثقافية والسياسية بين أمريكا وملحقاتها من جهة، وأخص هنا «الصهيونية والوهابية والإخوانية والعثمانية»، وبين قوى ودول تقاوم السطوة الأمريكية راحت تتعمق لتشكل ملامح عالم جديد يريد الخلاص من سطوة القطب الواحد..

فالمشروع الغربي هو اليوم في ذروة تحركه دموياً وعنفاً، وحقداً، ليس بفعل اغتصاب خرائط جغرافية وحسب، وإنما بفعل العمل على تدمير مكونات الشعوب الثقافية والدينية والوطنية.. وقيام أنظمة خاوية من حيويتها الحضارية.. لتكون بيادق هزيلة على رقعة مخططاتها.. وساحاتها.. والعالم العربي اليوم، هو من أهم ساحات هذا المشروع.. والأكثر تأثراً به تحت عنوان «ثورات الربيع العربي».. فعجلات هذا المشروع الذي يحاول عبور العالم العربي من طنجة إلى بغداد.. تتحرك على أربع «الصهيونية، والعثمانية، والإخوان، والوهابية».. والسؤال : ما الفرق بين الإرهاب في المفهوم الأمريكي.. والإرهاب في مفهوم دول العالم التي تعاني من الإرهاب؟؟‏

الإرهاب في نظر الغرب، وحلفائه «ثورة» .. وأبطاله ثوار.. من الظواهري، إلى الجولاني، إلى البغدادي، إلى زهران علوش الذي بكته السعودية، ولم يبكها من قتلهم زهران علوش واغتصب نساءهم ... وصولاً إلى مئات آخرين، تحفل بأسمائهم مواقع التواصل الاجتماعي الذي تديرها أمريكا... فالإعلام الداعم للإرهاب يعمل على تقديم هؤلاء القتلة كثوار، وتحويلهم إلى رموز ، وتحويل أفكارهم الدموية إلى ثقافة سياسية ودينية.. تقول أحد مراكز الاستطلاع البريطانية: «الإرهاب بات ثقافة تجتذب الشعوب الإسلامية»، فأكثر من 90% من الشعب السعودي يساند داعش، بفضل الفكر الذي حولته القيادة السعودية إلى منهج ديني وسياسي.. ويدفع مليارات الدولارات لتمريره .. والثائر أو المؤمن ، بحسب هذا المفهوم الوهابي هو من يقتل ويدمر، ويغتصب النساء، والأرزاق، ويقطع الرؤوس، ويرفع شعارات التكفير والتهجير والإبادة لكل من لا يوافقه في آرائه، كما هو حال ثوار «داعش والنصرة»، ومئات الفصائل الإرهابية التي تحولت إلى ديدان تأكل الجسد السوري..والعربي.. لقد تم العثور على كتب في الفقه الوهابي داخل مقرات الإرهابيين في سورية، تدور حول السبي والاغتصاب والذبح والقتل، استناداً إلى فكر ابن تيمية الذي هو جوهر منهج الوهابية، وبالتالي جوهر نهج الفكر التكفيري الإرهابي.‏

الإرهاب اليوم .. أو كما يسمونه «الربيع العربي» هو مبتكر أمريكي صهيوني.. لأبطاله وجهان : وجه مزيف، ينادي كذباً ونفاقاً بالانتصار للشعب.. وآخر هو الذي نراه على الأرض، يقتل التاريخ والثقافة والفكر والدين والقيم والترابط الاجتماعي والأخلاقي والوطني القائم من فجر التاريخ.‏

إن الإرهاب يتحرك في المنطقة كلها، لتدميرها، مبتعداً عن الكيان الصهيوني، لأن هذا الكيان بات ظهيراً له، وفي الفكر الوهابي والاخواني «المعركة اليوم ليست مع إسرائيل»، فاليهودية دين، ولكن المذاهب الإسلامية كلها كافرة ويجب محاربة أتباعها وقتالهم وسبي نسائهم وممتلكاتهم.‏

على امتداد زمن الربيع العربي، وجغرافية الربيع العربي.. نلاحظ كيف تعمل وسائل الإعلام المرتبطة بالمشروع الأمريكي الصهيوني، على صناعة «ميديا» وتقدم الإرهابيين كعناصر ثورية، تقاتل من أجل حرية الشعوب، وكرامتها، ومن أجل ترسيخ الديمقراطية، في وقت يسجن ويقتل فيه أصحاب وأنصار أي فكر استقلالي تنويري، كما هو الحال في السعودية وتركيا.. وتسويق هذه الحرب على أنها انتصار لشريعة الله الذي وعد المجاهدون فيها بجنة تحفل بالحور العين والغلمان وبكل ما لذ وطاب.‏

على مدى سنوات ما يسمى بالربيع العربي، لم تطلق رصاصة واحدة على الكيان الصهيوني، ولم نسمع خطاباً واحداً يعادي إسرائيل.. بل ماحصل أن هؤلاء الثوار، كما يسميهم الغرب، يتداوون في مشافي الكيان الصهيوني، وتقدم لهم المساعدات اللوجستية والاستخباراتية من قبل إسرائيل، وتدير أعمالهم غرفة عمليات مشتركة «أمريكية -إسرائيلية- سعودية- قطرية «الموك» في عمان.. إن أؤلئك الذين يتباهون بدعم الشعب السوري.. ويفلسفون رؤيتهم للإرهاب، وتقديمه كثورة شعب، وعناصرها كمعارضة معتدلة.. رغم ماتقوم به من ذبح وقتل، وسبي وتدمير.. هم اليوم في مواجهة هذا الإرهاب.. كما يواجه طابخ السم مصيره.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية