تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مصر وتونس الدروس المستفادة

اضاءات
الاثنين 14-2-2011م
خلف علي المفتاح

من الخطأ الجسيم النظر إلى ما جرى ويجري في كل من مصر وتونس على أنها أحداث داخلية لا علاقة تربطها بما جرى ويجري في المنطقة العربية, سواء ما تعلق منها بالسياسة الدولية أم بالشأن العربي الداخلي،

فالبنى النفسية العربية والمزاج العربي العام متشابه إلى حد بعيد, ولعله من غير الموضوعي الاعتقاد بعكس ذلك فالمنطقة العربية ومنذ أكثر من خمسة عقود تعيش حالة انكسارات متلاحقة, سواء على الصعيد القومي أم على صعيد الدولة الوطنية لأكثر من قطر عربي, وترافق ذلك كله مع تناقضات داخلية ذات طابع اقتصادي واجتماعي وسياسي سواء على صعيد الحياة الديمقراطية أم المستوى المعيشي مقترناً مع تمايز حاد في البنية الطبقية لمصلحة القوى المتنفذة والمتحالفة سياسياً ومصلحياً مع المركز الامبريالي الذي مافتئ يمعن نهباً واستلاباً لها .‏‏‏

أمام تلك المأساة العربية التي حاول البعض تصويرها على أنها قدر لا فكاك منه إلى درجة أن ثمة من أصيب بهزيمة نفسية، سعت الكثير من القوى ومراكز القرار في أكثر من مكان وضمن استراتيجيات محكمة تحويلها إلى ظاهرة عربية، جاءت الانتفاضتتان التونسية والمصرية لتعيدا الاعتبار إلى هذه الأمة وتثبتا للعالم أجمع أن الحرية والكرامة الوطنية ورفض الظلم والاستبداد والاستعباد هي قيم متجذرة في بنية وطبيعة أبنائها، وإن ما مر من هزائم وخيبات هو طارئ واستثنائي وأن ملحمة عربية قد بدأت تنسج خيوطها الأولى .‏‏‏

إن الحدث التونسي المصري أشبه ما يكون بزلزال سياسي سيكون له ارتداداته الإيجابية على منطقتنا ودول العالم خاصة تلك التي أمعنت في زرع وكلاء وحراس لها في أكثر من قطر عربي عاثوا فساداً ونهباً بثرواتها واستمرؤوا الخيانة وعبثوا بمقدراتها فهاهم أولاء تزدريهم شعوبهم وترميهم في مزابل التاريخ ويخذلهم أسيادهم الذين وجدوهم نفايات سياسية تبحث عن صحراء تدفن فيها .‏‏‏

إن الدرس الأول الذي يجب أن يتعلمه جميع الطغاة والعملاء من الحكام أنهم كالأرقام القياسية لا بد أن تتحطم ذات يوم، وأن إرادة الشعوب من إرادة الخالق تمهل ولا تهمل، وإذا كان للباطل جولة فللحق جولات، أما الدرس الثاني فمؤداه أن أي سلطة كانت كالحق تماماً تستمد قوتها من ذاتها وليس من الآخر كما هو شأن الباطل، بدليل أن الحكام الذين استقووا على شعوبهم بعمالتهم وارتباطهم بقوى خارجية لم ينفعهم ذلك في شيء بل كان عاملاً إضافياً في رفضهم والسخط والثورة عليهم واقتلاعهم، والدرس الثالث وهو على درجة من الأهمية يتمثل في أن الزمن في الأزمات أشبه ما يكون بالسيف إن لم تقطعه قطعك، فما قد ترفضه اليوم ستتوسل لقبوله غدا،ً فحركة الشارع كحركة السياسي لا تقبل الوقوف في منتصف الطريق.‏‏‏

khalaf.7@gmail.com ‏‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية