تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أزِفَتْ ساعة التحالف..الروسي ـ الصيني ـ الهندي

 بقلم : ميريي ديلمار
عن : لوغراند سوار
ترجمـــــــــــة
الاثنين 21-5-2012
ترجمة : سراب الأسمر

أزفَت ساعة التحالف الثلاثي الأضلاع : روسيا ـ الهند ـ الصين (RIC) والذي سيكون له تأثيره الفعال على القرارات الدولية وفق توازنات القوى الدولية في سياق التغيير لتحقيق السلام العالمي ، فمنذ عام 1996 وهذه الدول مستمرة في التعاون بينها .

هذا وقد تم حفظ النشرة الحادية عشرة حول لقاءات وزراء خارجية تلك الدول الثلاث في 13 نيسان 2012 في موسكو . أما أهمية اللقاء الأخير لوزراء الخارجية فتكمن بأنه عقد بعد 15 يوما ًمن لقاء القمة لدول BRICK بنيودلهي .‏

وبينما تعمل الدول الثلاث على خطة أساسية مبنية على معارضة التحكم الأحادي الجانب بمصير العالم وتحريك نظام عالمي ديموقراطي وتعددي ، نجدها مدركة أن التهديدات والمشاكل لا يتم حلها بالقوة إنما بإدراكها من زاوية سياسية ، اجتماعية واقتصادية . كما يعتبر تشكيل المحور : روسيا ـ الهند والصين خطة سياسية هامة ظهر في الفترة التي تلت الحرب الباردة ، وهذه الفكرة كانت قائمة من أيام الرئيس الروسي السابق يلتسين 1993 وكذلك رئيس الوزراء بريماكوف عام 1996. وقد بدأت العلاقات الهندية ـ الروسية ، الصينية ـ الروسية ، والصينية ـ الهندية بفتح آفاق جديدة ، وبحال استمرت الأمور على هذا النحو سيكون أمراً مشجعاً لظهور التعددية القطبية وتأثيراتها الهامة على العلاقات الدولية . فدول مثل روسيا ، الهند ،والصين تحتاج إلى عالم متعدد الأقطاب للدفاع عن مصالحها في العالم وعن سيادتها . ورغم وجود بعض المشاكل بين هذه الدول إلاّ أنها تتطور بطريقة واضحة نحو فهم أفضل لبعضها بعضا.في الماضي تطورت العلاقات بينها بفترة الحرب الباردة ، إلاّ أنها تماسكت أكثر بعد تلك الحرب ، لأن روسيا أثبتت أنها الصديقة الوفية للهند في كل الظروف . كذلك بالنسبة لعلاقة الصين بالهند حيث أظهرت كلتا الدولتين انسجاماً في سنوات 1980 ، أما بعد اتفاق عام 1993 ، فقد عرفت علاقاتهما الاقتصادية نمواً جديداً . إذاً لدى الدول الثلاث مصالح مشتركة تساهم في تحقيق التعاون الثلاثي . ويرى هذا المحور أن يكون للأمم المتحدة الدور الأول في حل الأزمات كما يدعم مبدأ عدم التدخل بالمسائل الداخلية للدول ذات السيادة .‏

على المدى الطويل ستساعد الثقة المتبادلة هذه الدول الثلاث في لعب دور هام على ساحة السياسة العالمية ، والرد معاً على تحديات القرن الجديد, مع ذلك تحتاج هذه الدول لتنسيق جهودها لأن الوسط الدولي أصبح أكثر تعقيداً . كما تعتبر المصالح الوطنية المشتركة الهامة وعلاقات الصداقة الطويلة الأمد في المجالات الثقافية ، الاقتصادية، العلمية و التقنية أسساً صلبة للتعاون بين هذه القوى العظمى الثلاث .‏

لهذه الدول الثلاث تاريخ طويل من التفاعل ، المبادلات التجارية ، التعاون والعلاقات الضيقة . وفي الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية، مرّت لحظات صداقة قوية فيما بينها ، كما كان هناك أوقات قطيعة أيضاً وصراعات كما حدث في الحرب بين الهند والصين عام 1962 . ومع ذلك أدركت الدول الثلاث ضرورة ارتكاز علاقاتها على منطلق حقيقة استراتيجية متباينة وصفياً ، على سبيل المثال لا يمكن مناقشة اتفاقات تضمن دعماً غير مشروط لدولة أخرى . ويعتبر أمن الطاقة أهم مجالات التعاون : فلدى روسيا فائض من الطاقة بينما الصين لديها نقص في الطاقة ، فبالتعاون بين هذه الدول الثلاث يمكنها الاستثمار في مشاريع مشتركة يمكن أن تسهل تدفق البترول والغاز الروسي نحو الصين والهند ، وبالتالي يتحسن أمن الطاقة في آسيا والعالم . هذا وتتعاضد دول RIC لمحاربة الحركات الانفصالية والإرهاب والتطرّف .‏

وبعد أن أصبح التطور الاقتصادي المستمر في روسيا والهند والصين محرك الاقتصاد العالمي ، ازداد التماثل في الوضع الاجتماعي ـ الاقتصادي بين هذه الدول الثلاث والطريقة التي يتجاوبون بها أمام العولمة . ولا بد من توعية الناس إلى المنافع التي تحصدها هذه الدول نتيجة تعاونها . العولمة تقدم فرصاً جديدة كما أنها تطرح تحديات أمام الصين ، الهند وروسيا ولكي تستفيد هذه الدول من هذه الفرص وترد على تلك التحديات فإنها تحتاج إلى آلية مستمرة تساعدها في التشاور بينها بشكل مستمر.‏

هذا وإن للتعاون بين هذه الدول أهمية جيوسياسية كبرى لأن عدد سكانها مجتمعة /2،4 /مليار نسمة أي 40% من سكان العالم ، وتشغل مساحة 22،5% من سطح الكرة الأرضية . ومما لا شك فيه أن هذه الدول تمتلك مصادر إنسانية واسعة ، وتجارة ضخمة وكذلك مصادر طبيعية ، إلاّ أنه ينتظرها درب طويلة في التطوير الاقتصادي . فالصين تشترك مع روسيا والهند بالحدود ، كما تؤثر العلاقة القائمة فيما بينها على مبادئ الأمن الآسيوي ، وبالتأكيد ان لتعاونها أثراً إيجابياً على ذلك .‏

هذا وقد تطور جداً التعاون الثلاثي منذ لقائها الأول في موسكو بأيلول 2001 ، وقد تحددت أبعاد هذا التحالف أكثر خلال لقاءات وزراء خارجيتها على هامش جلسات مجلس الأمن بنيويورك أعوام 2003 و2004 ولقاء وزراءها بروسيا عام 2005 وبعدها اتخذت علاقاتها شكلاً أكثر وضوحاً . وتبادلت مسائل أساسية إقليمية ودولية بما في ذلك محاربة الإرهاب الدولي وتجارة المخدرات وغيرها . وإثر لقائها في الصين عام 2007 تقاسمت الدول الثلاث المهام:الصين مسؤولة عن الزراعة ، والهند عن الصحة ، وروسيا الرد بأحوال الطوارئ . بنفس العام تقرر العمل بديناميكية لتحريك التعاون العملي ، وتقرر اللقاء مرة سنوياً ، هذا وقد أثبت تحالف RIC وجود تعاون وثيق في حل المسائل الدولية الهامة ، وفي اللقاء الأخير الذي التأم في موسكو اتخذت هذه الدول موقفاً موحداً برفضها حدوث أي تدخل أجنبي إزاء الأزمة في سورية ومسألة التخصيب النووي الإيراني . كما دعمت مبادرة كوفي عنان للسلام في سورية . فحسب RIC من حق إيران أن يكون لها برنامج نووي سلمي ، كما أكدت بشدة أن يتم حل المسألة عبر الحوار السياسي والديبلوماسي والتشاور بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية ، وفي تصريحها المشترك كررت قلقها حيال أفغانستان وضحايا الإرهاب وتجارة المخدرات الناجمة عن الصراع الأفغاني ؛ وتصريحها المشترك هذا دليل التزامها بتحقيق استقرار أفغانستان والمساهمة في استقرار الأمن في إطار الأمم المتحدة وكذلك عبر مبادرات عملية مثل منظمة التعاون في شنغهاي حيث روسيا والصين أعضاء فيها ومراقبين وكذلك الهند . كما اتضح أكثر التقارب بين أعضاء حلف RIC في عدة لقاءات ،كما في لقاء القمة للدول العشرين .‏

روسيا ، الصين ، الهند، دول مكملة بعضها لبعض فيما يتعلق بالموارد الطبيعية ، نوعية الخدمات ، تأهيل العمال ، والقدرة التكنولوجية الصناعية ، وجميعها تتمتع بنشاط تعهدات قوي ومتميزات في الابتكار والتكنولوجية ، هناك إذاً آفاق تعاون تكنولوجي وإبداعي واسع . كما أنشأت دول RIC وسائل احتياطية : مثل مجمع خبراء RIC لإدارة الكوارث، منتدى التحالف الثلاثي للأعمال وغيرها .. على كل الأحوال يعتبر الأمن الغذائي والمنتجات الأساسية من أولويات هموم هذا الحلف .‏

إذاً ، للّقاءات المنتظمة بين دول حلف RIC دور هام في تقويته ، والتبادل فيما بينها يعزز التفاهم والثقة المتبادلة، إذ إن المبادئ المعمول بها هي المساواة والثقة المتبادلة والتوافق، حيث يثبت هذا التعاون نمواً وتحسناً مستمراً .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية