تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


إلى مصنِّعي (الربيع العربي) :ماذا فعلتم بليبيا ؟

شؤون سياسية
الاثنين 21-5-2012
بقلم: نواف أبو الهيجاء

لابد من الاقرار بداية ان نظام معمر القذافي لم يكن ذا شعبية في الوطن العربي – وفي الداخل الليبي - لعدة اسباب منها تفرد القذافي بالسلطة بعد ان تخلص من شركائه في ثورة الفاتح

ومنها تقلب سياساته ومزاجيته المرضية : فتارة هو امين القومية العربية وتارة هو بريء من العرب واخرى يرحل الفلسطينيين ويلقي بهم في الصحراء بين ليبيا ومصر وأخرى هو عدو للإمبريالية الأميركية ثم هو صديق لها ولفرنسا . وتارة هو ملك ملوك افريقيا وأخرى هو صاحب نظريات الوحدات الهاتفية ونظرية ( اسراطيل ) أي حل القضية الفلسطينية بدولة ثنائية القومية ما يعني الالتقاء بنظريات بعض الصهاينة في يومنا هذا .‏

ومع ذلك كانت ليبيا دولة ولها مؤسسات وجيش ونفطها ليس نهبا للشركات الغربية وثمة وحدة وطنية ليبية لاينكرها احد .‏

كان يمكن لثورة وطنية ليبية شعبية حقيقية ان تنجح في توحيد ليبيا وفي جعل ثروتها لأبنائها ومع البقاء في الخندق القومي للأمة العربية – لكن ماحدث منذ عام ونيف لم يحدث هكذا جزافا . لقد استغل الصهاينة والغرب نقاط ضعف ليبيا القذافي تلك واسهموا في اشعال فتيل تمرد عسكري مسلح - بعد ان نجحوا في اصطناع الربيع الذي اسموه عربيا في ( تونس ) وفي ( مصر ) وفي اليمن .‏

واسهمت جامعة نبيل العربي مع الغرب في استصدار قرار من مجلس الامن اجاز العمل العسكري ضد نظام القذافي فتدخل حلف الناتو – وبقيادة عرف فيما بعد انها بدفع وصناعة صهيونية من ساركوزي المدفوع من قبل الصهيوني الفرنسي برنار ليفي .‏

استغل الغرب ثغرة في القرار الاممي ليتدخل عسكريا . وكانت تركيا على سبيل المثال ضد التدخل العسكري في المساء فاذا بها مع التدخل العسكري في الصباح .وتبين في اثناء العمليات ان تنظيم القاعدة كان قد ركب الموجة القتالية فأصبح امراؤه قياديين بحماية الناتو وقوات الناتو .وبعد عدة اشهر من الاعمال العسكرية المباشرة استطاعت القوات الاطلسية – الأميركية ان تسقط نظام معمر القذافي وتنكل بجثته على مرأى ومشهد من العالم كله . فاذا بالخسائر الحقيقية للشعب الليبي تتجاوز المائة وخمسين الف قتيل وعشرات الاف الجرحى والسجناء . واذا بالناتو ينجح في تدمير البنية التحتية لليبيا وينجح في تدمير الجيش الليبي ليصبح الجيش العربي الثاني المدمر بعد ان نجح الغزو الأميركي البريطاني للعراق في تدمير جيش العراق.‏

واذا بالنفط الليبي يصبح من حصص من خاضوا الحرب في ليبيا – من حصص الفرنسيين والايطاليين و الالمان وسواهم . واذا بالشركات الغربية تنهب الثروة الليبية الى مدى غير منظور. كل هذا لايقاس بما يحدث بعد ان توقف القتال . الجيوش الصغيرة تكاثرت في ليبيا : المليشيات المسلحة القبلية والعرقية والمذهبية و شلل المتطرفين وتنظيم القاعدة .‏

ليبيا اصبحت مركزا لتفريخ الارهابيين والتكفيريين : لقد اجتذبت ليبيا المرتهنة لارادة الحلف غير المقدس الغربي – مع القاعدة – كل متطرفي المذاهب والتكفيريين لتدربهم ثم تزجهم في قوافل لترسلهم الى سورية لكي ( يجاهدوا ) وليفجروا انفسهم انتحارا ضد ابناء الشعب السوري .‏

هذا ما اضحت عليه ليبيا – واكثر : فثمة تشريع لانشاء الاحزاب والتكتلات والحركات على اسس دينية وقبلية ما يعني العمل على تمزيق ليبيا الى دويلات طائفية وقبلية متحاربة تطبيقا لنظرية ( الفوضى الخلاقة – او البناءة). ليبيا اليوم تعج بفوضى السلاح والاقتتال – ولم يمر يوم دون وقوع عمليات اقتتال في الغرب كما في الجنوب والشرق. واقتسم عرب النفط الأميركي- الصهيوني النفوذ مع الغرب في ليبيا فالشرق من حصة ( قطر ) وهناك حصص اخرى للسعودية واخرى للغرب الاستعماري مباشرة وغير مباشرة . الى ذلك باتت ليبيا مصدرا لتهديد مصر العربية ومعولا لتهديم الكيان الوطني المصري . فالسلاح الليبي يجتاز الحدود لتجهيز جيوش التكفير والمتطرفين الاسلاميين واعلام القاعدة رفعت اخيرا في شوارع القاهرة من اجل تعميم الفوضى في مصر والعمل على تقسيم ارض الكنانة .‏

هذه نتائج اولية لما يسمى الربيع العربي ولصانعيه ومصنعيه من عرب الجنسية ومن أعداء الامة العربية الغزاة الصهاينة . والدور آت على اليمن حيث انتشار تنظيم القاعدة – بينما يتحالف المنافقون ومدعو ( مكافحة الارهاب ) مع الارهاب في سورية لاحداث الفوضى والاضطراب بهدف اسقاط القلعة العربية الحصينة التي لم ولن تسلم بما يريده الصهاينة ومن يحالفهم ويواليهم.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية