تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


في نــدوة «اعــلام خالـدون»ســـليم عنحـوري صاحب أول مجلة صدرت في سوري‏



ثقافة‏
الاربعاء 19/2/2014‏
فاتن دعبول‏

يحفل تاريخ الصحافة العربية بالعديد من الرواد الأوائل الذين كان لهم الفضل في التأسيس لنهضة صحفية عربية، وكان لهم دور مهم في إنشاء أوائل الصحف العربية،

وقد لفت مركز ثقافي «أبو رمانة» إلى أحد أعلام الصحافة ضمن سلسلته «اعلام خالدون» فسلط الضوء على الصحفي السوري سليم العنحوري صاحب ورئيس تحرير ومحرر الكثير من الصحف العربية في سورية ولبنان ومصر والمهجر، وهو صاحب أول مجلة سورية «مرآة الأخلاق» التي أصدرها في دمشق في مطلع عام 1886 بالمشاركة مع ابن عمه الأديب حنا عنحوري.‏‏

شارك في الندوة الدكتور سهيل الملاذي وداود أبو شقرا، وتوقف الدكتور الملاذي عند كتاب الأخبار المروية في تاريخ الأسر الشرقية ومغاوص الدرر في أدباء القرن التاسع عشر الذي اعتمد عليهما المؤرخ عيسى اسكندر المعلوف للحديث عن أسرة العنحوري فقال: إن اسرة العنحوري قديمة في دمشق وقد وجد اسم جرجي بن العنحوري على السواعي المخطوط في دير صيدنايا سنة 1665، وقد اشتهر من هذه الأسرة حنا بن جبرائيل وكان تاجرا مشهورا ومن أولاده جبرائيل الذي بقي في دمشق وهو جد آل العنحوري فيها، وقد نبغ كثير من هذه العائلة في العلم والأدب في مصر وسورية ومنهم الأديب حنا الدمشقي الذي شارك في إنشاء «مرآة الأخلاق» والشاعر والقانوني سليم بن روفائيل بن جرجس بن جبرائيل العنحوري الذي ولد في دمشق عام 1856 من أسرة اشتهرت بالعلم والفضل والتجارة، خسر والده ثروته ومرض فاضطر سليم لترك المدرسة وإعالة اسرته المكونة من سبعة أشخاص، فكان يعمل نهارا ويدرس ليلا حتى أصبح نابغة في الأدب وفي الكتابة والشعر، عمل في أعمال كثيرة ونصب رئيسا لقلم الجنايات في مجلس عكا التمييزي، وكان صديقا للعلامتين بطرس البستاني وولده سليم فأقاماه وكيلا ومراسلا لمجلتيهما «الجنة والجنان»، أتقن التركية والحساب والتاريخ والآداب العربية وألم بالفرنسية، نظم الشعر فتميزت دواوينه بوضع عنوانات مختصرة لها وشروح مطولة عليها، متناولا اختراعات العصر واكتشافاته، ودأب على العمل والدرس ومجالسة الأدباء ومراسلة علماء العصر في كل بلد، ترك عكا وعاد إلى دمشق فاشتغل بوضع كتاب «كنز الناظم».‏‏

انتقل إلى القاهرة ونشر جريدة «مرآة الشرق» بتوجيه من الخديوي اسماعيل لمساندة سياسته وكانت ترمي هذه الجريدة إلى مناهضة النفوذ الأجنبي في مصر وخدمة الخديوي وحكومته، فكانت مقالاته سياسية رائعة وعباراته رشيقة تدل على اقتداره في اساليب البلاغة، أما مجلته «مرآة الأخلاق» فهي نصف شهرية وتعد أول مجلة سورية أنشأها سليم العنحوري وابن عمه حنا في دمشق وكانت على قسمين أحدهما روايات تتجاذب طرفي الغرام والأدب، وتأخذ بناصيتي الفكاهة والعلم، والثاني يخوض في مواضيع عديدة عدا السياسة والدين.‏‏

أصيب سليم بداء في معدته ما اضطره للتوجه إلى بيروت للاستشفاء وفيها نظم ديوانه «بدائع ماروت» وحل هناك بعض القضايا القانونية التي اشتهر بها، واستمر في العمل في المحاماة وفن الصيرفة ومنح الوسام المجيدي الثالث.‏‏

وبين داود أبو شقرا أنه من المفيد الإضاءة على هكذا شخصيات كسليم العنحوري في هذا الوقت بالذات لأهميتها وهي الشخصية التي عاشت قلاقل في سورية كانت بدأت تتبدى من خلالها ملامح جديدة بعد أن وصلت أوروبا إلى تشخيص المرض في الإمبراطورية العثمانية وبدأت ملامح الاستعمار الحقيقي في منطقتين بالشرق وهما البرزخ الذي يفصل البحر الاحمر عن البحر المتوسط وتلك المساحة الممتدة ما بين اسكندرونة والبصرة، وأطماع الانكليز التي بدأت تتجه إلى هاتين المنطقتين حيث أقامت مشاريع عديدة وافتتحت سكة قطار الشرق السريع عبر الأراضي السورية وباتت اليوم تشكل الحدود بيننا وبين أشقائنا في كيليكيا.‏‏

ويضيف لم يكن سليم صحفيا فحسب بل كان شاعرا وروائيا وهذا يحيلنا إلى أن الرواية لم يكن منطلقها في مصر مع محمد حسنين هيكل وروايته «زينب».‏‏

تلقى تعليمه الأول في دمشق ثم درس الحقوق في الاستانة، أصدر مع ابن عمه حنا مجلة مرآة الأخلاق» وكان عمره آنذاك 30 سنة، وصادرتها الحكومة فهاجر إلى مصر مرتين عام 1890 وأنشأ هناك مطبعة الاتحاد ومجلة مرآة الشرق، ثم أصدر عام 1906 مجلة فصلية باسم «الشتاء».‏‏

قضى فترة الحرب العالمية الأولى منفيا في الأناضول، أحرق أهله آثاره الأدبية أثناء نفيه وذلك أن وجهت إليه تهمة المس في الأديان في بعض رواياته، لكن المحكمة برأته من هذه التهمة، عمل اخيرا في تحرير الصحف «دمشق، المشكاة، الشام».‏‏

له دواوين عديدة منها «سحر هاروت، بدائع ماروت» وله مسرحية شعرية «أشيل» ترجمها له عن الفرنسية فرانسيس تراك، فتصرف بها ونظم أشعارها وله رواية «الانتقام العادل والجن» وهي رواية غرامية، وله كتاب «الجن عند غير العرب، الخالدات، عكاز، كنز الناظم ومصباح الهائم».‏‏

سليم العنحوري شاعر مطبوع، سلس العبارة والقوافي، قال في موضوعات مألوفة في زمنه «المديح، النسيب، الرثاء، الحكمة» ومضى إلى موضوعات الفلسفة والاخلاق والاجتماع، فمهد لتوسيع رقعة الموضوع الشعري عندما جاء من بعده.‏‏

توفي في دمشق في العاشر من تموز عام 1933.‏‏

ولفت إلى أن مجمع اللغة العربية يحاول إحياء المبدعين ممن كان لهم بصمة واضحة في عالم الإبداع عن طريق اعداد دراسات عنهم.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية