تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الحواضن الحقيقية

بقعة ساخنة
الاربعاء 19/2/2014
خالد الأشهب

ليس من طبيعة التكوين الاجتماعي السوري تاريخياً بطوائفه وأعراقه المتعددة والتي تتجاوز العشرين منها , أن تكون مجتمعة أو أن يشكل أي منها حاضنة فكرية أو اجتماعية لتنشئة الإرهاب والإرهابيين , وهو التكوين الذي أنجز ألفاً وخمسمائة عام من العيش المشترك دون أن يكون حاضنة على الإطلاق , وإلا فلماذا لم تنشأ التيارات التكفيرية الإرهابية من قبل ولم تجد لها ملاذاً على الأرض السورية إلا في هذا القرن الواحد والعشرين الذي نعيش اليوم ؟

تقديرات هيئة الأركان العامة للقوات الروسية تقول إن ما بين 110 إلى 120 ألف إرهابي أجنبي قادمين من أكثر من ثمانين دولة في العالم يقاتلون اليوم في سورية , وبطبيعة الحال يمكن إضافة مثلهم على الأقل من المجرمين وأصحاب السوابق من السوريين المغرر بهم أو الطامعين بأجواء الفوضى واللا قانون , لتكون سورية الجيش والشعب تقاتل جيشاً غازياً من الإرهابيين القتلة يتجاوز تعداده ربع مليون مقاتل , يتلقى المال والسلاح والدعم السياسي واللوجيستي من أكثر من خمسة عشر بلداً يعلن عداءه لسورية وشعبها ونظامها السياسي , وبينها البلدان الأغنى في العالم كالسعودية وقطر وأميركا وفرنسا وبريطانيا وغيرها !‏

بمعنى آخر , ليس لدى جيش أي بلد في العالم أو في التاريخ القدرة المادية والعسكرية على مواجهة كل هذه الجحافل من القتلة والإرهابيين وتحقيق الانتصار عليها .. لو أن هذه الجحافل وجدت حواضن اجتماعية ترعاها أو حتى تغض الطرف عنها في ذلك البلد , وبمعنى أن الحواضن والبيئات الحقيقية التي تقدم الدعم لهذه الجحافل ليست قطعاً في داخل ذلك البلد ولا هي منه , بل هي خارجية لا تنتمي إليه ولا هو ينتمي إليها !‏

ليس في الأمر إعجاز أو مبالغة أو تورية , وإنما حساب دقيق وموضوعي يدلل أن الحواضن الداعمة للإرهاب والإرهابيين العاملين في سورية , موجودة فعلاً ونشطة وسخية في دعمها وتموينها لهم , لكنها ليست سورية محلية أبداً .. حتى ولو التبس بعضها بقناع سوري كائتلاف الدوحة ومجلس استنبول اللذين يشكلان وريداً حقيقياً لتمرير الدعم والتمويل والتسليح إلى الإرهاب والإرهابيين من الحواضن الحقيقية في واشنطن والرياض والدوحة واستنبول وغيرها .. ودونها ما كان لجيش الإرهاب هذا إلا أن ينهزم سريعاً في سورية ولو بلغ تعداده مليوناً وأكثر ؟‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية