تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مرة أخرى تسقط الأقنعة

معاً على الطريق
الاثنين 21-5-2012
أنيسة عبود

سقطت أميركا ..لن أقول للأسف .بل هذا مدعاة للفخر , أن تسقط أميركا من أحلام الشباب ..

كما سقط الغرب كله ..‏‏

ولم يعد الهاجس ولا الحلم العظيم ..لم يعد ذاك الأليف الجميل , البريء . ولا ذاك الإنساني العفيف ..الودود الذي يندهش لوداعتنا .لقد سقط القناع وظهرت أنياب الوحش الوالغة في الدم السوري والعربي ..سقط القناع ..دمنا الذي أسقطه .‏‏

......................................‏‏

سقطت أميركا ..وتبدلت أولويات الشباب العربي ..لم تعد الهجرة إلى الغرب أولوية ..ولا قيمه أولوية مع ما لهذا الغرب من قدرة على الجذب والإبهار .. سقط القناع وأدرك الشباب أن الغرب الاستعماري يبني مجده على دمنا وجهلنا ..يكذب علينا ويزوّر تاريخنا ...فالعراق وراءنا ..وليبيا أمامنا .والدم السوري يجري بين أيدينا ..الغرب هو الغرب ..إنه مازال عدونا وسيبقى ,لأنه يقتات من دمنا وينام على أشلائنا ..يهدينا جنونه وفوضاه ..ويا للأسف ..ظن المواطن العربي لفترة أن هذا الجنون هو الحرية وهذه الفوضى هي الديمقراطية ..‏‏

..............................................‏‏

هل تصدقون أن في العالم ديمقراطية ؟‏‏

أنا شخصياً لا أصدق ..ولا أؤمن أن في الغرب ديمقراطية ..إنها مهزلة تشبه باقي المهازل التي استوردناها من الغرب .‏‏

لذلك هذا الغرب الذي يلهث وراء ثرواتنا ودمارنا لا يمكنه أن يعطينا ديمقراطية لأنه يفتقدها وفاقد الشيء لا يعطيه .‏‏

....................................................‏‏

لاهثاً عالمنا وراء الدمار . كأن الأرض تعبت من أبنائها العاقين ..خرّبنا كثيراً في قيمنا ..وبعنا كثيراً تاريخنا ..استرخصنا رموزنا ..وسخرنا من تراثنا ..مضينا بعيداً في الجري وراء الغرب وعاداته وطريقة عيشه وتفكيره ..وقلدناه في البناء واللباس والأكل وفي طريقة الحكم على الإنسان الخيّر أو الشرير ..أخذنا منه كيف نمحو الآخر وكيف نقضي على الضعفاء .وقلدناه حتى في تمجيد المال والثروة والاستهلاك واقتناء السلع الفاخرة بينما نضن ّ على الأخر برغيف الخبز ...تغيرنا ..وتغير العالم حولنا فأضحينا غرباء ونحن بين أهلنا ..‏‏

غرباء نقطع في أجساد الغرباء لا رحمة ولا شفقة يحركنا البترول وشيوخ العماء الذين لا قرآن لهم ولا سنة سوى الغرب والمال الذي يعبدون ...ماذا يجري ؟؟ من بعث فينا كل هذا التوحش ..؟‏‏

.....................................‏‏

غرباء .نعم ...لم تعد الأخوة من شيمنا ..ولا الجار الذي أوصانا به الرسول (ص) حتى (ظننا أنه سيرثنا ) إلا في حكايات الجدات ..حتى الجدات قطّعنا أوصالهن ورميناهن في العراء ولم ندفنهن كما دفن هابيل قابيل . تركناهن للوحوش الضارية كي يراهن أمراء الرحمة ويمنحونا دنانيرهم التي تدخلنا النعيم الأبدي ..غرباء ونحن في بيوتنا وعلى أرضنا ,,دمنا ينزف ..والعالم يتفرج ..والغرب يرسل لنا الجواسيس ليحصوا عدد أنفاسنا وصبرنا وصمودنا ..ونحن مللنا من الصبر ..وملّ الصبر منا ,, سقطت أقنعتهم ..لكن أي قناع سيتقدم نحونا الآن ؟‏‏

.................................................‏‏

غرباء ..أخرجوا هؤلاء الغرباء من أرضنا ..أصحاب القبعات الزرقاء الذين يديرون لعبة ذبحنا ..إننا لا نثق بهم ..ولا ننتظر رحمتهم . كأنهم يتسلون بجراحنا ..يملؤون قلوبهم بأشلائنا .نظراتهم توجعنا ..وتصريحات العربان تثير اشمئزازنا ..الغضب يملأ أرواحنا فأشفقوا على أرواحنا الهائمة في العراء ..‏

سقطت الأقنعة ..وسقطت أميركا من أحلامنا .لم تعد ناطحات السحاب تسحرنا ..ولا برج إيفل يدهشنا ..صارت المعايير دمنا في كفة والعالم في كفة ..لا ننكر علومهم المتفوقة ولا ننكر شعوبهم الواقفة إلى جانبنا .ولكن الجرح عميق ونازف .فمن يلمّ أشلاء ماري من الطريق ؟ ومن يعيد محمد إلى أمه ..من يجد أنامل أطفال ( القزاز) ؟ ومن يقدر أن يعيد لنا سورية الآمنة الحبيبة ؟ هل هؤلاء الغرباء بقبعاتهم الزرقاء كأقنعة الموت يقدرون أن يبكوا مثلا” ؟ هل هم بشر حقيقيون ؟‏

أبدا هم لا يشبهوننا ..وإلا ما استمرؤوا الفرجة على دمنا كل صباح وفي المساء يأكلون وينامون وكأن دمنا لم يصبغ ذاكرتهم وذكرياتهم ووسائدهم .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية