تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الأغنية السورية.. غائبة أم مغيَّبة

شؤون ثقا فية
الأربعاء 20/2/2008
الشاعر الغنائي: أحمد عثمان

يبدو أن مشكلة الاغنية السورية عصية على الحل فلا يلوح بالأفق أي بادرة للحل, والغريب أن اركان الأغنية مع صناعها ومنتجيها استسلموا وسلموا بموتها حتى الجمهور لم يعد يسأل عنها ولا عن فرسانها الذين تحولوا مع

الزمن الى قطارات قديمة ركنت في المستودعات وحتى مهرجان الاغنية السورية الذي كان يستذكرهم لم يعد له وجود.. كيف اختفى أم كيف أخفي لا أحد يعرف.. ويبدو حتى السؤال عن مصير هذا المهرجان أصبح مضحكاً عند بعض أصحاب الشأن..‏

ومع كل هذا السواد والتعتيم المقصود أو غير المقصود على الاغنية السورية في وسائل اعلامنا ا لمحلية /تلفزيون-اذاعة-صحافة/ واهتمامه بشؤون كل من هب ودب من فرسان الاغنية (الاشقاء) وإهمال مطربنا المحلي حتى البعض من مذيعاتنا تراها في برامجنا اذا غنّى مطرب عربي تهز رأسها طرباً واذا صدف وغنى مطرب محلي تكشر وتمتعض و كأنه طلع لها عفريت من الشاشة.. مع كل هذا الظلم والتجني الذي يتعرض له المطرب المحلي حتى في اعطائه الفرص للغناء في المرابع والمحلات وانتشار ظاهرة العقود الخلبية نرى انه لا يزال هناك بارقة أمل يمكن الرهان عليها في اعادة استنهاض الهمم لاعادة الحياة الى الاغنية السورية وتألقها في ظل انتشار محموم لأغان يجمع الجمهور على أنها رديئة وسيئة ولا شك انها ستزول لأنها لا تحمل اي شيء من هواية وأصالة الاغنية العربية.‏

الاغتراب عن البيئة‏

وعلى ذكر الأصالة سألت يوما الموسيقار سهيل عرفة /المكرم بالوسام الاغلى/ وهو فعلاً يستحق هذا التكريم عن سبب هبوط مستوى الاغنية العربية فأجاب /أن أحد أبرز الاسباب هو الابتعاد عن البيئة/ ففي ظل العولمة بدأت موجات غريبة تغزو عقول شبابنا من الاغنيات والموسيقا التي لا تمت لبيئتنا وحياتنا بأي صلة وهنا تبرز مسؤولية الحكومات ممثلة بوزارات الثقافة والاعلام في التنبه لهكذا ظواهر والتصدي لها ليس بمحاصرتها وعدم بثها بل بانتاج اغنية منافسة تحمل مواصفات جيدة تستطيع ان تكون البديل لهذه الموجهة الرديئة من الاغاني.. وهذا لم يحصل حتى الآن وبل راحت بعض الشركات النفعية المستفيدة تزيد من عدد المحطات التي تبث مثل هذه الاغاني وهي غير معنية بالضرر الذي تلحقه وكل همها ما تجنيه من أرباح فقط ومع اعترافنا ان مجموعة من الشباب تصدى لهذه الظاهرة وأخذ على عاتقه انتاج أغنية لها علاقة بالبيئة والاصالة والتراث وكان رائدهم الفنان علي الديك بأغنيته (الحاصودة) التي انتشرت كالنار في الهشيم في العالم العربي وكانت الرد الأبلغ وما تلاها من أغان سورية أصيلة دخلت نفس المضمار.. على أننا وللانصاف نقول انها كانت جزءاً من الصورة وكان يجب ان تكتمل الصورة فنسمع التراث الحلبي والتراث الدمشقي وتراث الجزيرة وتراث جنوب سورية وكأن هذا لم يحصل وان حضر فكان حضوره خجولاً لا يفي بالغرض..‏

أين شركات الإنتاج?‏

والسؤال أين نحن اليوم .. ? أغنيتنا السورية موجودة وأركانها ينتظرون شارة الاقلاع وبالإمكان المراهنة على قدراتهم من /كتاب -ملحنين-مطربين/ وهنا تحمل المسؤولية أولا الحكومة ممثلة بوزارتي الثقافة والاعلام في دعم هؤلاء وثانياً شركات الانتاج التي لم يعد لها حجة بعد صدور قانون حماية الملكية وأصبح قيد التنفيذ, والهيئة العامة للاذاعة والتلفزيون ودائرة الموسيقا المعطلة منذ سنوات وهي بالكاد تنتج أغاني المناسبات وبمواصفات لا تنافس الاغاني المنتجة خارجاً مما يضطر القنوات المحلية التلفزيونية الثلاث والاذاعات السورية المحلية تستعين بالانتاجات الخاصة والتي تأتي على شكل اهداء من الشركات ا لمنتجة أو من المطربين والمطربات..‏

نحن بحاجة لتضافر الجهود.. لاعادة الحياة لأغنيتنا ونتمنى على وزارة الاعلام اعادة المهرجان الى مدينة حلب و قلعتها بطريقة تغني فيه مسيرة الاغنية السورية وهي فرصة لصناع الاغنية السورية بحق لعرض ابداعاتهم.. وعلى وزارة الثقافة لاتاحة الفرص للمطربين المحليين في هذا العام 2008 كون دمشق عاصمة للثقافة العربية لاسيما وان الاغنية هي جزء لا يتجزأ من ثقافة الشعوب..‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية