تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


عبد الكريم اليافي: تسعون عاماً من العطاء وقناديل علمه لن تنطفىء

شؤون ثقا فية
الأثنين 13/10/2008
فادية مصارع

( كل موت أول, مفاجىء, صاعق, غير معروف, وغير مألوف) صاحب هذه الكلمات هو الشاعر محمود درويش الذي صعقنا بموته ولم تمض أيام على أربعينه حتى فوجئنا برحيل آخر الموسوعيين العرب العلامة الدكتور عبد الكريم اليافي

الذي كان لي شرف اللقاء به قبل نحو عامين, اللقاء استمر أربع ساعات مرت كلمح البصر, في بداية حواري معه كنت مترددة ومحتارة بم اخاطبه فأنا أمام عالم علامة وعبقري موسوعي, هل أقول له.. أستاذ? أم دكتور أم فيلسوف أم شاعر? وهو الذي جمع هذه الألقاب كلها بحصوله على مجموعة من الشهادات العليا التي حصدها والمناصب العلمية التي شغلها, وهو يستحق عن جدارة اللقب الذي اطلقه عليه عبد الغني العطري لما حصله في العلوم والمعارف والآداب والفلسفة والتاريخ عبد الكريم اليافي (مجموعة علماء في عالم).‏‏

شباب متجدد‏‏

أثناء حواري معه كنت أشعر أنني أمام شاب في ثوب رجل قطع الثمانين حجة بأشواط فرغم أن الزمن قد خط تضاريس, على وجهه واشعل الرأس شيبا إلا أن عينيه كانتا تقدمان ذكاء ونبوغا بادرته بالسؤال الأول:‏‏

- ماذا تقول في بيت الشاعر:‏‏

إن الثمانين وقد بلغتها‏‏

قد أحوجت سمعي إلى ترجمان‏‏

فرد قائلا:‏‏

فوق الثمانين من العمر قد قطعتها مثل عقود الجمان‏‏

ما أحوجت يوما يميني إلى عصا ولا سمعي إلى ترجمان.‏‏

حدثني الشيخ الشاب أن الوقت إذا فات لايستدرك وأنه يمضي وقته بين الكتب, يعيش للعلوم والآداب وبينها لدرجة أنه يصحو في الليل ليبحث عن بيت شعر يظن أنه قد نسيه ولذلك -يقول اليافي- قاربت التسعين وذاكرتي مشهود لها.‏‏

ولذلك أيضا كان من المتفوقين الأوائل منذ يفاعته ومطلع شبابه حتى شيخوخته.‏‏

رحلة نبوغ‏‏

قيل إنه كان يحصد شهاداته بالجملة لابالمفرق, بدأت رحلة نبوغه من الكتّاب في حمص المدينة التي أبصر فيها النور 1919 وبعدها حين أرسله والده إلى مدرسة الارشاد الابتدائية وكان يرغب في سريرة نفسه -كما قال هو بنفسه- أن يكون شاعرا حينا وعالما حينا آخر, وفيلسوفا طورا وكاتبا مشهودا له تارة اخرى, فمنذ طفولته تفتحت له آفاق الفهم, فكان دماغه يلتقط كل ما يسمع بسرعة عجيبة, وكان اسمه يعلق بشكل دائم في لوحة الشرف في المرحلة الاعدادية والثانوية.‏‏

في فرنسا‏‏

بعد أن نال شهادة الطب جرت مسابقة إيفاد إلى فرنسا لدراسة العلوم, فكان الفائز الأول فيها, وانتسب إلى جامعة السوربون لينال اجازة في العلوم خلال ثلاث سنوات عام 1940 ثم اجازة في الآداب 1941 وانتسب إلى الكليتين معا.‏‏

في حديثه عن محطات حياته توقف عند مرحلة دراسته في فرنسا التي كانت قاسية جدا, فهناك عانى الفقر وورأى الموت بأم بعينه, إذ مرضت عيناه من كثرة القراءة وادمان الدراسة وتحير الأطباء في مرضه الذي كان سببه سوء التغذية زمن الحرب العالمية الثانية التي شهد ويلاتها ولم يشف إلا بزرقة السم التي كان يتلقاها صباحا ويحضر الدروس في بحوث الفلسفة والخيال الأدبي بعد الظهر.‏‏

انصرف بعدها إلى دراسة الفلسفة فأضاف إلى الاجازتين الشهادات العليا الخمس في الفترة ما بين 1942-1945.‏‏

وهي في علم النفس العام, وفلسفة الجمال وعلم الفن, والمنطق والفلسفة العامة وتاريخ العلوم وفلسفتها, وعلم الاجتماع والاخلاق, وخلال دراسته هيأ اطروحة دكتوراه هي دراسة نفسية وجمالية لشعر ابن الفارض قدمها 1945.‏‏

وفضلا عن ذلك كله درس سنتين في كلية الشريعة ودرس مادة الاحصاء الحيوي في كلية الصيدلة تخرج على يديه كتاب وشعراء وفلاسفة وعلماء, وستبقى الأجيال تغب من معين عطائه الذي لن ينضب فقد استطاع أن يرفد المكتبة العربية بالكثير من الكتب القيمة في الأدب والعلم والفلسفة منها:‏‏

نصب تذكاري‏‏

ما لايعرفه الكثيرون وهو ما أخبرنا عنه د. اليافي قبل وفاته أن له في ارمينيا نصبا تذكاريا وضع قبل حوالي خمسة عشر عاما في ساحة مشهورة وسط البلاد بمناسبة تأسيس جمعية الصداقة السورية الأرمينية وهو عربون وفاء ومحبة من أرمينية لسورية .‏‏

أمنية‏‏

طبعاً د. اليافي يستحق كل ما كرم به, و أضعف الايمان أن تتحقق أمنيته التي ذيلت بها لقائي به بناء على طلبه وهي أن تطبع وزارة الثقافة مجموعة أبحاث ومحاضرات له تتضمن تراجم لشخصيات قديمة ومجهولة فهل تفعل?!‏‏

مؤلفاته‏‏

الفيزياء الحديثة والفلسفة- دمشق 1951‏‏

في علم السكان -دمشق 1959‏‏

المجتمع العربي ومقاييس السكان- دمشق 1966.‏‏

تمهيد في علم الاجتماع- دمشق 1964‏‏

دراسات اجتماعية ونفسية- دمشق 1964 .‏‏

شموع وقناديل في الشعر العربي- 1964‏‏

دراسات فنية في الأدب العربي -1972‏‏

العلم والنزعة الانسانية ترجمة 1964‏‏

دراسات فنية في الأدب العربي أحدث طبعة 1972 وله ديوان شعر بعنوان حصاد الظلال في عام 1974 سماه الصندوق الخاص للنشاطات السكانية في هيئة الأمم ,خبيرا أول في علم السكان.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية