|
هآرتس ومن ثم جاءت كلمة علي سلطاني مندوب ايران في هذا المؤتمر الذي أبدى بها تذمره حيال الصمت العالمي ازاء تنامي القوة النووية الاسرائيلية, والجدير بالذكر أن كلا من المندوبين لم يتوجه بالكلام نحو الآخر بشكل مباشر على الرغم من كونهما كانا في قاعة واحدة. انتهى المؤتمر إلى نتائج تماثل النتائج التي سبق وأن انتهت إليها المؤتمرات السابقة لكن ما برز فيه هو التحدي الذي أبدته ايران تجاه قوة الردع النووية الاسرائيلية. إن تاريخ 6 تشرين الأول لا يكتسب أهميته من كونه يصادف في يوم الغفران من عام 1973 فحسب, وإنما لكونه يمثل تاريخا هاما في وجود قائدين عربيين خاضا حربا ضد اسرائيل هما الرئيس حافظ الأسد والرئيس أنور السادات وللصدفة المدهشة فإن الإسد ولد في 6 تشرين الأول وفي نفس التاريخ من عام آخر لقي أنور السادات حتفه, هذان القائدان اللذان تحالفا بشكل مؤقت على الرغم من التباين في توجهاتهما, حيث نجد أن الرئيس حافظ الأسد قد اعتمد اعتمادا كليا على الاتحاد السوفييتي في الوقت الذي أهمل به أنور السادات هذا التوجه وعمد إلى اقامة علاقات ودية مع الولايات المتحدة, لكن الأمر الذي أثبتته الحرب هو محدودية القدرة في الاعتماد على الأسلحة النووية الاسرائيلية دون منع حدوثها لكنها وبذات الوقت جعلت الأطراف الآخرى لاتنهج إلى توجيه ضربة قاضية إلى اسرائيل, وبذلك فإن القدرات النووية الاسرائيلية على الرغم من أنها لم تثن الدول المعادية عن خوض حرب معها لكنها كان لها الدور الفعال في عدم التوسع بها والاكتفاء بوقفها عند حد معين. عندما عبر المصريون قناة السويس بذل السادات جهدا كبيرا لتحقيق نصر عسكري يقود إلى محادثات سياسية واسعة النطاق الأمر الذي مكنه من إعادة كامل سيناء كمرحلة أولى لإعادة كامل الأراضي المحتلة في حزيران عام 1967 وكان يعتقد بأن هزيمة اسرائيل وتجاوز القوات للخط الأخضر ليست بالخطوة العملية نظرا لوجود قوة نووية لديها يمكن أن تستخدمها في حال تعرض وجودها للخطر. تخلص السادات من معظم الوجود السوفييتي في مصر باستثناء قاعدة صواريخ سكود الموجهة ضد القوات الاسرائيلية في السويس وأخذ بالاعتماد على المساعدات الأميركية, أما بالنسبة للرئيس حافظ الأسد فقد تلقى مساعدات عسكرية من الاتحاد السوفييتي في حرب عام 1982 وحصلت سورية منه على صواريخ بعيدة المدى تطول كامل المنطقة الواقعة بين تركيا وحيفا, فضلا عن آلاف المدربين الذين أوفدهم لتدريب السوريين على استخدام تلك الاسلحة, ولمواجهة القوة الاسرائيلية عمدت سورية إلى انشاء قواعد لصواريخ أرض- أرض وتوفير الرؤوس البيولوجية والكيميائية. وترى القيادة السورية أن جل معضلات المنطقة تقع على مسؤولية كل من واشنطن واسرائيل اللتين يتعين عليهما ايجاد الحلول المناسبة لتلك المعضلات التي ستقود إلى قبول سورية بالسلام, أما في الأحوال الأخرى فإن سورية ستجد أن لزاما عليها الاستمرار بالتعاون مع ايران التي ستحصل على الطاقة النووية في المستقبل القريب. وتعتقد اسرائيل أن سورية تلجأ إلى ذات الطريق الذي سبق وأن سلكته كوريا الشمالية لجهة التسليح النووي .وتبين من العملية التي قامت بها القوى الجوية الاسرائيلية في 6 أيلول من السنة الماضية مدى تصميم اسرائيل على منع الدول المجاورة لها من امتلاك السلاح النووي لكنه, في ذات الوقت تبين عجز اسرائيل أمام الاصرار السوري الذي يهدف إلى إنشاء قوة مجابهة من حيث تسليح نفسها بالقذائف والصواريخ العالية الدقة اكثر من الماضي. ألف روان سكابور كتابا في عام 2004 بعنوان حرب رامسفيلد, أشار فيه إلى تقرير استخباراتي سري صادر عن وكالة الاستخبارات التابعة لوزارة الدفاع في عام 1990 والذي يصف به التهديد المستقبلي من عام 1999 حتى عام 2020 حيث اشار التقرير الى أن الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش ليس بأول من اشار إلى التهديد المزدوج الصادر عن ايران والعراق بل إن تلك الفكرة أخذت أبعادها إبان عهد بيل كلنتون, كما ورد بالتقرير ان مدير الاستخبارات في وزارة الدفاع باتريك هوغ قد أجرى احصاء للأسلحة النووية في العالم, حيث تبين له أن اسرائيل تمتلك من 60 إلى 80 سلاحا نوويا وستتمكن في العقد الثاني من هذا القرن من امتلاك 65 إلى 85 سلاحا آخر, وأشار التقرير إلى أن ايران والعراق لن يكون بمقدورهما امتلاك سلاح نووي قبل عام 2020 , هذا ما ذكر قبل سقوط العراق, أما الآن فإن الأمر يقتصر على الواقع الايراني فقط. أن كافة المواقع النووية في العالم أصبحت معروفة ويمكن استهدافها بدقة متناهية, كما أن العالم أصبح على اطلاع ومعرفة بالمواقع النووية الأسرائيلية حيث بامكان كل من الايرانيين والسوريين والمنظمات الأصولية رمي وابل من القذائف والصواريخ على تلك المواقع, الأمر الذي سيؤدي إلى الإضرار بها أو أنها ستعرقل وتفشل التخطيط الاستراتيجي الاسرائيلي للمستقبل. في الذكرى السنوية لحرب يوم الغفران توصلنا إلى قناعة بضرورة امتلاك اسرائيل لقوة الردع النووية, حيث تبين أن وجودها قد حال دون استخدام صدام حسين للأسلحة الكيماوية والبيولوجية في عام 1991 لكن تلك القوة لن تكون البديل عن بذل الجهود والمساعي الجدية لتحقيق السلام لأن تلك القوة لن تستطيع تحقيق الأمن لاسرائيل. |
|