تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أدبنا بين المعاصر والمحاصر

الرسم بالكلمات
الأثنين 13/10/2008
طارق محمد أمين دبّرها

لا شك بأن الكتابة الأدبية تحتاج إلى أدوات وقواعد وأسس من مخزون لغوي وثقافي ومنظومة متكاملة من صقل وموهبة وتدريب ودراية أدبية وثقافية قدتكون عصامية,

وقد تكون أكاديمية ولتختمر التجربة وتستمر في فضاءات معافاة سليمة من التعثر والعرج الأدبي, وهنا تحضرني مقولة مدهشة للشاعر والراحل الكبير »عمر أبو ريشة« عندما قال: ليس المهم في الشعر الوزن والقافية بقدر أهمية الدفقة الشعرية والموهبة التي تحمل فرادة اللفظ والسبك والمعنى والمبنى, من المعروف أيضاً تحرر الشاعر الكبير »نزار قباني« من بحور الشعر الخليلي والتي سماها أقفاصاً ستة عشر للشعر.‏

شبابنا الصاعد الواعد ومن يسير على درب الحرف والكلمة تحكمه الإحباطات والنكوصات المتعددة ولن أقول الجنسيات بل متعددة المحليات ولا غرو أن يخضع الميزان الأدبي والتقييم لعملية أو لصدمة المرحلة الانتقالية من عناوين وأحداث كبرى تعصف بمنطقتنا منذعقود خلت, وكما كان للاقتصاد سوق يتجول فللكتاب وللسلعة الثقافية أيضاً سوقها الأدبي وتحولاته وخيباته ورواجه?! وأنا هنا لا أقلل من شأن شبابنا المهتم وأصحاب الشأن ولن أصفهم بوصفة فقدان البوصلة والدليل والحادي في صحراء الغزو الثقافي المتنوع من فضاءات مفتوحة لكل الأقمار والشبكات العنكبوتية, ولن أقول إن أحلامنا المعاصرة أضحت »يوتوبيا« ترتجى في ليلة قدر ثقافي معاصر!!..‏

ومن مفرادات هذا العصر الاستهلاكي والآني »الذاتانية« وهي الإغراق في الشخصانية والذاتية وتراجع الشعور الغيري بالآخرين وقضاياهم وهي من تبعات الثقافة الأميركية, ثقافة المكدونالد والتشيكن والبطل الأوحد السوبرمان الذي لا يقهر...!!‏

حتى إن النظرة الاجتماعية لمن يهتم بالثقافة والأدب في هذا العصر الطاعن والضارب باللحظوي والبراغماتية بكل أشكالها هي نظرة مزدوجة بين الاستعلاء والاستنكار تدعو للريبة وللشفقة بآن واحد!! يملك شبابنا الكثير من أدوات الانطلاق العصرية لكن أنىّ له الانطلاق وأنىّ له الانبعاث والريادة?!..‏

والتحديات كبيرة تنيخ بأثقالها على ساحات معيشتنا وأيامنا وثقافتنا.‏

كل ما سبق يشكل تحديات ليست بالقليلة في ميدان الأدب الجديد أو أدب هذا الجيل, ثم ما الحافز وما المُشجع لأن يثبت هذا الجيل أقدامه في رمال الواقع الحياتي المتحركة?! في ظل غياب الاستقرار المادي والاجتماعي والنفسي وكلها عوامل رئيسية تلعب دوراً رئيسياً ومهماً في شحذ الهمم الأدبية والثقافية المعاصرة وإن الأدب السليم قد نما في بيئة الألم والمعاناة, كشرقيين تغيب عن حياتنا ضرورة التفرغ الأدبي للأدب وحده وهنا على الجهات والسلطات الرسمية ذات الصلة أن تهتم بأصحاب التجارب المميزة. ولا فرق في العملية الإبداعية بين صوت أنثوي أو رجالي بل نرفض أن يخضع الأدب لتسميات مسبقة مع سبق الإصرار الأدبي- النقدي.‏

ولا غرابة أن يأتي أدب الأنثى أبداً مقهوراً ومقموعاً وهي ما زالت بل نحن ما زلنا نخضع لظل الرقيب والحرملك الثقافي والأدبي.‏

في كل هذه المعمعة يمتلك أدب الجيل الجديد أدواته المعرفية المتواجدة بكثرة وعليه أن يعّبر ويبلور دوره الوجودي وكما أنه لكل زمان دولة ورجال كذلك لكل عصر أدبه وأدباؤه, وعصرنا الأدبي الحالي عصر تحديات لكل ما هو وطني وحقيقي فهل نسم عصرنا بهذه السمة?!‏

سؤال برسم المهتمين وحاملي التجربة الأدبية ولنذكر ما قاله الزعيم الصيني »ماوتسي تونغ« الذي اشتهر بثورته الثقافية ونقل الصين من التخلف إلى التقدم والمعاصرة »ربّ شرارة أشعلت السهل كله«.‏

إذن ماذا يُعدّ أدبنا الشاب وجيلنا المعاصر لقادمات الأيام وما سمة عصرنا المرتجى?!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية