تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لماذا روسيا ..?!

الافتتاحية
الأثنين 25/8/2008
بقلم رئيس التحرير: أسعد عبود

هل هو الدور العسكري الذي يمكن أن تلعبه في العالم الذي يعطيها هذه الأهمية.. فقط..?!

مبدئياً لا شك أن القوة عنصر مهم في وجود الدولة, وفي العمل السياسي..ولعلّه العنصر الأهم..لكن القوة لا تتجلى فقط في الإمكانات العسكرية..بل هي محصلة الجغرافيا والتاريخ والاقتصاد والمجتمع والسياسة, وطبعاً الوضع العسكري.‏

روسيا قوية عسكرياً..قوية جداً ..وتتداخل مع قوتها العسكرية مجموعة عوامل أخرى لتضعها في موقعها الخاص,أهمها العامل التاريخي..تاريخياً هي الدولة العظمى التي شكلت القطب الآخر لتوازن العالم طيلة النصف الثاني من القرن الماضي..وبعد أن تراجعت عن دور وموقع الدولة العظمى لم تقم مكانها دولة عظمى أخرى..وبالتالي تبقى هي المرشحة الأبرز لهذا الموقع, دون أن نستهين بالعوامل الأخرى,التي قد تواجهها عندما تتصدى له بقوة, وبالتالي فإن كلام الحلف الأطلسي «الناتو» الذي يهدد روسيا بأنها ستخسر موقعها في الدول الثماني إن لم تعدل سياستها في القوقاز,هو «كلام الثعلب للحمامة» فوجود روسيا في مجموعة الثماني يعطي القوة لهذه المجموعة أكثر مما يعطيه لها.‏

ثم..لماذا ينظر الغرب إلى تطور الدور الروسي في العالم وفي منطقتنا ضمناً من حيث الامكانات العسكرية والتسليحية فقط?! لماذا لا يتحدثون عن الدور الروسي القائم والمأمول في السلام العالمي وسلام الشرق الأوسط?!.‏

إن روسيا هي إحدى الدولتين الراعيتين لعملية السلام, وفي إطارها لمؤتمر مدريد, وما تبعه, وللقرارين المرجعيين 242 و 338 ..وبالتالي ليس بالضرورة أن السلاح والقوة العسكرية..هما فقط محرض التوجه لعلاقات عالية المستوى معها.‏

العمل المتوازي منطقياً وموضوعياً من أجل السلام يقتضي الحوار المتكافىء .. حوار الأقوياء,وفي اطار المسؤولية الدولية عن عملية السلام العادل والشامل, وإنهاء الاحتلال تستطيع روسيا أن تعلب دوراً مفقوداً فمنذ تولت الولايات المتحدة وحدها إدارة ورعاية عملية السلام في المنطقة.. لم تستطع أن تتقدم أي خطوة إلى الأمام بسبب انحيازها الكامل لإسرائيل . ولم تستطع الايفاء بتعداتها التي اكدتها لإقامة أي شكل من أشكال السلام أو المسالمة على المسار الفلسطيني.‏

هذا الواقع الذي تواجهه عملية السلام, والتي كان أخر استعراضات الفشل في الرعاية الأميركية لها , أنا بوليس البائس.. يترك لموسكو مجالاً عريضاً لدفعها بشكل فعال وصحيح.‏

الفشل الأميركي في المنطقة وخارجها, سواء فشل الحلول العسكرية أم فشل حلول الاستعراضات السلمية, يترك فراغاً كبيراً لابد أن تتجه قوى عالمية لشغله, بمساعدة القوى الاقليمية التي تأتي سورية في مقدمتها.‏

ثم إن النشاط السياسي السوري الذي تجاوز بشكل ما شروط العمل الأميركية .. جعل هذا الدور موضع استقطاب, وطبيعي أن يوسع من مجال التفاهم والتعاون بين دمشق وموسكو.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية