|
ثقافة
إنه العشق الذي لفتني وأنا أتأمل الكتب الموجودة في أحد أجنحة معرض الكتاب الدولي.. لفتني فاستوقفني، أمام العنوان الذي جذبني.. عنوان الكتاب الذي ما إن بدأتُ بتقليبِ صفحاته، وقراءة مقتطفات من فصوله ومفرداته، حتى أدركتُ بأنه من إصدارات «جمعية المعارف الثقافية». الجمعية المختصة بتوثيقِ «الأدب المقاوم» وحكايا بطولاتِ رجالٍ أُسِروا أو استشهدوا، دفاعاً عن أرضهم وقضاياها وقيمها الإنسانية.. رجالٌ بـ «رصاصات عاشقة» لقضيّتهم، وحارقة لأعداء وطنٍ استشعروه يخاطبهم: «في هذه الظروف العصيبة والقاسية التي تمرُّ بها أمَّتنا، حيث أصبح الخناق مشدوداً عليها من كلِّ جهة، أنتم وأخوتكم معقد آمال الأمة وتطلعاتها، وفي هذه الأجواء الحسَّاسة علينا أن نلجأ، إلى أهم الأسلحة على الإطلاق. سلاحُ الإيمان بالنصرِ الدائم. السلاح الذي يُسقط الجبابرة والطغاة، مهما بلغ طغيانهم وجبروتهم».. نعم، هو الأدب الذي يعشق أبطاله الرحيل إلى العلياء. الأدب المقاوم، وفيه نبضُ الحياة التي شاءتها أرواح الشهداء.. الأدب الذي اطَّلعنا على الكتب التي أصدرتها الجمعية عنه، فكانت كثيرة جداً، ونختار منها ما نوجزه: «مشاهد شامية» وهو عبارة عن مشاهدات لأجواء الجنوب في حرب تموز 2006.. أيضاً، للمعاملة التي شهدها الإخوة اللبنانيون في دمشق، ومن قِبل رجالها وسيداتها وشبابها وشاباتها وسفرائها وووو... «إني آنستُ ناراً».. كتاب يحكي قصة شاب، أشرقت نفسه مبكراً على حقائق اليقين التي رافقت سيرته.. الكرامة والعزّة والمقاومة، بل الحكمة التي أنارت له درب الشهادة، حيث عقيدته.. «سراديب الوجع».. أيضاً، هي قصةٌ ولكن، لأسيرة اعتُقلت بتهمة إخفاء معلومات والاحتفاظ بسلاح وأجهزة للمقاومة الإسلامية، وبعد تحريرها روت قصتها فكانت حكمتها: «أروع الانتصارات التي تُخلّد، انتصار الحقيقة حتى لو كانت معلّقة على المقصلة، وأفضح الهزائم، هزائم أنفسٍ تشرب بكؤوسِ الذلِّ دم الأبرياء، وتصفق لنفسها بانتصار يتهاوى مع سقوط الأقنعة..».. كتبٌ كثيرة تأملناها. لكن، يكفي ما تناولناه عن أدبٍ، اضطرّت مفردات كتّابه لأن تكون «رصاصات عاشقة».. ولأنها المفردات التي تحكي عمن أبوا إلا الرحيل، كي تبقى أوطانهم حرّة مستقلة، وسيرتهم ناصعة وتحكيها الإبداعات الصادقة.. تحكي، عما يستحق أن نختم به وننهي: «أنت أقدر الناس على فهم معنى الموت، لأنك تعيش على احتماله كل وقتكَ في الجبهات.. قد تأتي بالموتِ قذيفة، أو طلقة، أو شظية أو غير ذلك، ومن غير إذن ولاميعاد.. في الجبهة المباركة، يصبح للموت لغة أخرى، وحضور آخر، لأنك تشعر به هناك أكثر من أيّ مكانٍ آخر.. مع كلِّ ما ذكرناه، يبقى الموقف الذي نكنّه، هو العداء لهؤلاءِ القوم المفسدين والمستكبرين، ونحن لا نستطيع أن ننسى كل المجازر والانتهاكات التي ارتكبها اليهود والإسرائيليون في العالم، وبالأخص في لبنان وفلسطين وباقي دول المنطقة، وستظلُّ الصور الأليمة في أذهاننا، حتى نثأر لأطفالنا وشهدائنا..».. |
|