|
على الملأ والخدمات، بالتخلّي عنها وإفساح المجال أمام القطاع الخاص ليقوم بهذه المهمة، وحتى بيعه كل ما يدخل بهذا الإطار من أصول الشركات والمؤسسات الحكومية تحت عنوان المصطلح الاقتصادي الدّخيل (الخصخصة) لتبقى الدولة مهتمة بالخطط ومراقبة تنفيذها، وتكتفي بإدارة الصناعات الاستراتيجية المهمة. غير أنّ محاولاتي باءت بالفشل دائماً، وصوت في داخلي كان يتعالى كضميرٍ يشهر سيفَ التأنيب، بأن هذه الخصخصة نهجٌ في غير مكانه، وأسلوب خاطئ، ولم أكتب إلا في هذا المنحى يوماً، لا تصريحاً ولا حتى تلميحاً علّني أستطيعُ إيقاف ذلك الصوت على الأقل. لحسن الحظ أن أي حكومة من الحكومات السورية من ذلك الوقت وإلى الآن، لم تقتنع بهذا النهج الاقتصادي الجديد، واتّبعت أسلوباً ديناميكياً دون أن تتخلّى عن أصول الشركات والمؤسسات، وذلك عبر خلق مناخ استثماري جذاب، يبعد العراقيل من أمام القطاع الخاص، ويُفسح له المجال كقطاع وطني لإقامة ما يشاء من الاستثمارات الصناعية كمصانع الاسمنت والحديد والكابلات والصناعات الكيميائية والغذائية، وكذلك الاستثمارات الخدمية ولا سيما في مجالات السياحة والبنوك وشركات التأمين وما إلى ذلك. فالسياسة الاقتصادية السورية كانت بالفعل متوازنة في هذا المجال عندما لم تنتهج مبادئ الخصخصة، ولم تُعِق القطاع الخاص -بالمقابل- عن القيام باستثماراته الخاصة، فكان التأثير بموجة الخصخصة ضعيفاً جداً - إن لم يكن معدوماً - لولا التخلّي عن بعض الشركات الصناعية الصغيرة كعدد من شركات الكونسروة والزيوت، ولكن تمّ الاكتفاء بإغلاقها واستثمارها بشكلٍ آخر مع الإبقاء على ملكيتها للدولة. إلى الآن لا يزال هناك من يقتنع بأنّ على الدولة أن تتخلّى عن الصناعات الغذائية - على الأقل - وتفويض القطاع الخاص وحده بها..! على الرغم من أن دولة كسورية يقوم اقتصادها بشكل أساسي على الزراعة من المُفترض أن تذهب بعيداً في تمكين وتعزيز الصناعات الغذائية، فهي تعني خلق القيم المضافة لمواسمنا الزراعيّة الخيّرة والكثيرة، وتعني بالنهاية تحقيق الكفاءة والمردود العالي لاقتصادنا الوطني. ولذلك لن أخفي غبطتي من حماس وزارة الصناعة مؤخراً عن إقلاع خطّي إنتاج الحلاوة والكاتشب في شركة كونسروة دمشق، ولا سيما عندما حذرت المتربصين بشركات قطاعنا الصناعي العام.. حتى من مجرد الاقتراب.. وألمحت إلى أن هذين الخطين الإنتاجيين بمثابة الردّ على المروّجين للخصخصة التي لن تكون إلا كحلم إبليس في الجنة. |
|