|
قاعدة الحدث بعيداً عن التشاور الدولي داخل مقاعد منظمة الأمم المتحدة الأمر الذي سبب ذبذبة في شكل العلاقات الدولية وشكل النظام العالمي الجديد فقد أصبحت الأمم المتحدة محصورة ضمن سياسة الولايات المتحدة الأميركية ووقعت الأمم المتحدة ومجلس الأمن ضمن دوامة العولمة ما وضعها على أرضية عالمية جديدة من خلال ازدياد السيطرة من عنصر المال والاقتصاد على السياسة وفي العلاقات الدولية وفقدان الحدود السياسية لدى الدول الرأسمالية بعد أن كانت تقوم على حماية الثروات إضافة إلى ضعف مكانة الدولة كوحدة أساسية في القانون الدولي حيث أصبحت الدولة عقبة في وجه العولمة كما تم التوجه للسيطرة على ثروات البلاد تحت عناوين حقوق الإنسان والأقليات وأحادية القرار لذلك كانت الضرورات ملحة لحدوث تغيرات وإصلاحات للأمم المتحدة بكل فروعها وخاصة مجلس الأمن ولكل هذه الإصلاحات ستبقى في ظل السيطرة الأميركية مرتبطة بها فالاصلاحات تكون بالوقوف على النصوص والممارسات والنواقص التي أسهمت بشكل كبير في فشل الأمم المتحدة وعدم تكرارها عند صياغة ميثاق نظام دولي جديد يختلف عن الميثاق الذي قامت عليه بحكم اختلاف الظروف الدولية السياسية التي شكلت الأمم المتحدة وتعد قائمة منذ عشرات السنين لا من حيث روح وطبيعة التحالفات الدولية ولا من حيث تطور تلك العلاقات وبروز مؤثرات سياسية واقتصادية جديدة ومن الجدير بالذكر أن معظم بلدان العالم تطالب اليوم بتغيير وتجديد واصلاح الأمم المتحدة بشكل جذري وليس كعمليات الاصلاح الحالي التي لا تتعدى تعديل أو تحويل أو إلغاء هياكل إدارية قائمة أو إجراءات متبعة وقد تتضمن استحداث الجديد منها وغالباً ما تحتل تلك العمليات مرحلة انتقالية من حياة هذه المنظمة الدولية العالمية التي يبدو أن تحديد ملامحها وملامح مستقبلها يتوقف على مدى انسجام مصالح وأهداف القوى الاستراتيجية الكبرى مع نسبة ومدى التغيير الذي يمكن إحداثه من خلال عمليات الإصلاح ومجالاته وصارت مسألة إصلاح منظمة الأمم المتحدة هدفاً رئيسياً للجمعية العامة وخاصة منذ أن أصدرت قرارها في عام 1974 والقاضي بإعادة النظر بالميثاق والبحث عن السبل المؤدية إلى تعزيز دور المنظمة وجعلها أكثر فعالية وإنشائها لجنة خاصة وسمتها اللجنة الخاصة المعنية بميثاق الأمم المتحدة وبتعزيز دور المنظمة. كما تكررت الدعوة لإصلاح الأمم المتحدة من قبل أعضائها العامين عندما ضمنوا ذلك في تقاريرهم السنوية التي أوصت بضرورة إقامة نظام دولي جديد يستند إلى إصلاح الأمم المتحدة التي تعتبر المنظمة الدولية الأوسع تمثيلاً ونشاطها في النظام العالمي وإن ذلك الإصلاح لابد وأن يطول مجلس الأمن الذي أصبحت ثقته مع شعوب الدول الأعضاء شبه مفقودة لذلك لابد أن يحظى المجلس بثقة هذه الشعوب وأن يصبح أداة سلم وديمقراطية وتنمية وأن يكون ذلك من خلال التزام دول الأعضاء في مجلس الأمن بمبادئ وسلوكيات أساسية لضمان حصول الدول الضعيفة والمستهدفة على الحماية التي يفرضها الميثاق وعدم وقوف المجلس لجانب القوي لفرض إرادته على الضعيف وأهم ما يجب معالجته هو العلاقة بين مجلس الأمن والجمعية العامة حيث إن هذه العلاقة غير متوازنة بالنسبة لما يخص طبيعة وأهمية وفاعلية عملها ومجالات الاختصاصات والتداخل في المهمات حيث إن هذه العلاقة تتجه باتجاه مصالح مجلس الأمن حيث يتسم الاعتداء على اختصاصات الجمعية وتجاهل وتهميش لدورها في المسائل التي ينص عليها الميثاق وكذلك تهميش الميثاق نفسه لدور الجمعية وتجريدها من اختصاصات ما ومنحها لمجلس الأمن فمعظم اختصاصات المجلس وخاصة ما يقع في مسائل تهديد السلم والأمن الدولي جاءت على حساب الجمعية العامة ما افقدها قدرتها على التأثير وحرم غالبية الدول والشعوب الضعيفة من الفرص التي توفرها لها الجمعية. اذا تكمن إشكالية جميع مشاريع اصلاح مجلس الأمن التي تم التوصل إليها ضمن إطار الموافقة على تقارير الأمن العام للأمم المتحدة في الجمعية العامة أنها تبقى مرهونة بالعامل السياسي للدول المهيمنة على عمليات صنع القرار في المجلس نفسه لذلك فإن الاصلاحات الإدارية يمكن أن تجد طريقها في التنفيذ على عكس الاصلاحات السياسية التي تواجه الكثير من العقبات التي ترتبط بمصالح وأهداف الدول دائمة العضوية في المجلس وخاصة أميركا وهي التي تتمتع بامتيازات كبيرة في استمرار النظام الحالي للمنظمة عموماً وللمجلس خصوصاً. لذلك يبقى السؤال عن مدى إمكانية الجمعية العامة في إحداث اصلاح حقيقي لمجلس الأمن وفقاً لأحكام ميثاق الأمم المتحدة وعن مدى إمكانيتها في تفادي تأثير الدول دائمة العضوية وخاصة تلك المناهضة لعمليات الاصلاح السياسي في مجلس الأمن؟ |
|