|
شؤون سياسية ، حيث أقدم ثلة من المتاجرين بالسينما والدين والأخلاق من المدججين بالحقد والعنصرية والكراهية تجاه الإسلام على إنتاج فيلم سينمائي استهدف شخصية نبي الإسلام محمد «عليه السلام» ورسالته السماوية السمحة بالتجريح والتلفيق والإساءة الأمر الذي فجر العالم الإسلامي غضبا واحتجاجا من اندونيسيا شرقا حتى المغرب وأوروبا غربا، وقد بلغت الاحتجاجات أقصاها في منطقة الشرق الأوسط فلقي السفير الأميركي في مدينة بنغازي الليبية وثلاثة آخرين من موظفي القنصلية الأميركية في بنغازي حتفهم في هجوم لجماعة متشددة، وشهدت القاهرة وصنعاء وعمان وتونس ومدن أخرى أعمال عنف واحتجاجات غاضبة حول السفارات الأميركية واجهتها قوات الأمن بالقمع وفرقتها بالرصاص. وبالعودة إلى أصل الحدث وليس نتائجه المتوقعة لا يمكن اعتبار ما جرى من قبل القائمين على هذا الفيلم الحاقد والبذيء مجرد هفوة أو خطأ بل هو فعل مبيت ومقصود ومتعمد جرى في أجواء من الكراهية والتحريض الصهيوني المستمر ضد الإسلام سبقه قيام القس الحاقد تيري جونز بحرق المصحف الشريف، فمثل هذه الأفعال جرت قبل سنوات عندما قامت صحيفة دنمركية بنشر صور ورسوم مسيئة للمسلمين ولنبيهم الكريم وقد لاقت غضبا واحتجاجا عارما في العالم الإسلامي، ولم تحرك الحكومات الغربية ساكنا تجاه هذه الظاهرة العنصرية المتفشية تجاه المسلمين لمنعها وتحريمها ومعاقبة القائمين عليها، بل إن بعض الحكومات رفضت الاعتذار عن هذه الإساءات المتعمدة وسمحت لصحف أخرى بتكرار نشر هذه الإساءات في رسائل لا تخفى دلالاتها ومعانيها. طوال الأشهر الماضية لم يترك هذا الغرب المنافق أسلوباً أو وسيلة أو طريقة إلا واستخدمها ليقنعنا بأنه يدافع عن الحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية في منطقتنا لدرجة أنه شجع التطرف والعنف وحرض على حمل السلاح والقتل، وفرض العقوبات الاقتصادية والسياسية والإعلامية على الحكومات والدول التي تقاوم غطرسته وعدوانه وترفض إملاءاته، وكل ذلك تحت ستار خادع من الشعارات البراقة، ولكنه لم يتأخر كثيرا حتى أظهر وجهه الآخر دون تجميل، الوجه العنصري الحاقد ضد الإسلام والمسلمين، المتحالف مع الإرهاب والتطرف بدءا بالتطرف الصهيوني وانتهاء بالتطرف الوهابي القاعدي الذي يرعاه حكام آل سعود وآل ثاني في السعودية وقطر. ففي كل الدول العربية التي اجتاحتها حمى ما يسمى «الربيع العربي» هيمن دعاة التطرف والعنف على مقاليد الحكم تحت عناوين الحرية والتخلص من الاستبداد، فكانت الحرية أولى ضحايا الأنظمة الجديدة واستبدلت أنظمت الاستبداد القديمة أنظمة أكثر استبدادية وشمولية أنظمة لا تعترف بالآخر ولا تؤمن بحرية الرأي والتعبير، وكل ذلك تحت سمع ونظر الدول الغربية، ومع ذلك لم تقم الحكومات الغربية أي وزن لحلفائها الجدد، فوضعتهم في اختبار جديد، اختبار يمس أديان شعوبهم وعقائدها ومقدساتها فانتفضت هذه الشعوب لكرامتها مصوبة بوصلتها، فالعدو هو إسرائيل ومن يحالفها في الولايات المتحدة وأوروبا، وكما قام اليهود بالإساءة للدين الإسلامي ولنبيه محمد (ص) فقد سبق لهم وإن أساؤوا للديانة المسيحية ولم يسلم من شرورهم وأذاهم رسول المحبة والتسامح عيسى وأمه العذراء مريم عليهما السلام. تقول مصادر صحفية أميركية أن الفيلم المسيء المسمى «براءة المسلمين» هو من إخراج وإنتاج الإسرائيلي الأميركي سام بازيل المنحدر من جنوب كاليفورنيا والذي يدير شركات عقارية، ويقول هذا الأخير أنه جمع خمسة ملايين دولار من مائة يهودي لم يحدد هوياتهم لتمويل الفيلم، وتضيف المصادر أن الفيلم حصل على دعم القس الأميركي الحاقد تيري جونز الذي أثار ضجة كبيرة خلال حرقه نسخا من القرآن الكريم في نيسان الماضي. وفي بيان له قال القس الحاقد «جونز» عن الفيلم «إنه إنتاج أميركي لا يهدف إلى مهاجمة المسلمين ولكن لإظهار ما أسماه «العقيدة المدمرة للإسلام». كما يبدو فإن هذا الفيلم هو حصيلة تفاهم وتحالف بين تل أبيب وواشنطن لاختبار ردات فعل المسلمين بعد وعود أوباما بضمان أمن إسرائيل والاعتراف ب«القدس الموحدة» كعاصمة للكيان الصهيوني حيث كانت الردود العربية والإسلامية باردة جدا، وهذا ما شجع منتجي الفيلم على عرضه ونشره في هذا التوقيت بالذات، ولما كانت ردود الفعل مفاجئة وأكبر من المتوقع اضطرت إدارة أوباما للاعتذار، غير أن تصريحات المرشح الجمهوري للرئاسة ميت رومني تكشف جانبا من العقلية الأميركية المتهورة والحاقدة حين هاجم أوباما لأنه اعتذر واعتباره أن مثل هذا الاعتذار عبارة عن إهانة وتخل عن القيم الأميركية، رومني نطق بالحقيقة إذن: «إهانة المسلمين والإساءة إلى نبيهم هي جزء من القيم الأميركية التي يتبناها الحزب الجمهوري على الأقل، وفي بازار الانتخابات الأميركية لايختلف الجمهوري عن الديمقراطي لأن الاثنين بحاجة ماسة لإرضاء اللوبي الصهيوني. |
|