|
ســاخرة يقول الخالدي: طور برهان من خبراته ودرس فن الحفر بكل أنواعه وتقنياته ورسم لوحاته الأكثر شهرة بالأبيض والأسود حتى صار من الأعلام، يشار إليه بالبنان وكتب النقاد عن أعماله تحليلاً ونقداً وتقييماً وأقام معارض فردية عديدة وشارك في معارض عالمية كثيرة وأخذ موقعة المتميز في مسيرة الفن العالمي كفنان عربي. برهان صحفي في المغرب خلال ذلك أقام الكركوتلي سنوات عديدة في المغرب العربي (مراكش) حيث عمل في الصحافة محرراً ورساماً ومخرجاً ورسم لوحاته عن نساء المغرب وبيوت المغرب والحياة هناك ونشرت رسومه في الجريدة التي عمل فيها وهي (التحرير). وعاد إلى دمشق عام 1965 سيطر على غازي الخالدي هاجس اعادة صديق عمره وزميل دراسته في القاهرة إلى الموطن ليكون أستاذاً لمادة الحفر في كلية الفنون الناشئة وقد أقنع إدارة الكلية بذلك كما أنه أقنع الكركوتلي الذي عاد إلى دمشق مع زوجته الألمانية (ديمتي) وابنه (نديم). في عز الشتاء والبرد ويتحدث غازي عن الصعوبات والعراقيل الروتينية (الإدارية) التي واجهت برهان: «إن الدخل لا يتناسب مع المصروف وخاصة أن تعويضاته لم يكن يستلمها بانتظام» وهكذا فإن أصعب مشكلة واجهته في دمشق عندما كان في عز الشتاء والبرد يكاد يصل إلى النخاع. ليس معه ثمن مازوت في تلك الأيام كان غازي مدير مركز الفنون التطبيقية التابع لوزارة الثقافة وقد جاءه برهان فقال له: ليس معي ثمن مازوت وغرفتنا باردة، كان يبتسم وهو يواجه هذه الهموم ويقول لي: إذا كان الإنسان يواجه هذه المتاعب وهو في وطنه فكيف وهو في الغربة؟. روتين التلفزيون طويل وعثمانلي في تلك السنة وفي أثناء وجوده أستاذاً لفن الحفر في كلية الفنون عمل برهان رساماً ومصمماً للديكور في التلفزيون ومع ذلك فإنه شكا من فقدان ثمن المازوت ثم ضحك وهو يحاور غازي وقال: كيف أسدد البقال ديونه إذا كان محاسب التلفزيون كسولاً؟! وروتين التلفزيون في الصرف طويلاً ومعقداً والعثمانلي». بعد بيروت: إلى ألمانيا وهكذا قرر برهان العودة إلى ألمانيا إلى فرانكفورت بعد الاقامة والعمل في بيروت زهاء ثلاث سنوات ومعه زوجته وولده وبدأ من جديد، كان برهان لا يمل ولا يكل ولايعرف اليأس مهما حصل له فقد عرف معنى المعاناة والجوع والفقر وحاجة الآخرين طوال حياته لذلك كان أولاً وآخراً يعتمد على نفسه ويذكر الخالدي أن برهان الذي سخر منه لخدمة القضية الفلسطينية وأصبح عضواً في اتحاد الفنانين الفلسطينيين وفي الآن ذاته كان عضواً في اتحاد الفنانين الألمان. أطرف ما حدث بين برهان وغازي يصف غازي الخالدي برهان (هذا العنيد) بأنه الصادق الطيب النبيل الذي لا يؤذي الطير ولا الفراشة ولا الطفل الصغير أو الكبير لكنه كان بارد الأعصاب إلى درجة مذهلة حتى إنه أي الخالدي- حاول مرة أن يخرجه من هذا البرود بواسطة أفعى إنه يعد ذلك من أطرف ما حدث بينه وبين برهان. برهان: أفعى طيبة يقول غازي: حاولت مرة أن أضع أفعى حول رقبته- الأغلب أن ذلك كان في أثناء دراستهما في كلية الفنون الجميلة بالقاهرة فأمسكها برهان ببرود وابتسم وقال: أفعى طيبة ولما سألته: ألم تشعر بالخوف لأول وهلة وأنت ترى هذه الأفعى حول رقبتك وأنت جالس مستغرق في قراءة كتابك؟ قدرة هائلة على تحكيم العقل قال برهان: أنا متأكد أنها غير سامة وغير مؤذية لأنني أعرف أنك تحبني ولا يمكن أبداً أن تسبب لي الأذى. وفي رأي غازي أن هذا في الواقع ليس دليل برودة أعصاب بقدر ما هو دليل على قدرته الهائلة على تحكيم عقله ومنطقه العقلي. وللحديث تتمة |
|