|
ثقافة فها هو الرجل الوطواط بطل الكوميكس (مجلدات ورقية مصورة) الذي ولد مطلع الاربعينيات من القرن الماضي يعود اليوم الى الاضواء مجددا على صفحات الكتب و على الشاشتين الفضية و الصغيرة،
و هذه الشخصية الفنية التي ظهرت للمرة الاولى عام 1939 كافراز من افرازات الانهيار الاقتصادي الكبير الذي عرفته الولايات المتحدة تكاد تكون أقرب على صعيد الطباع الى دراكولا أبرز أبطال روايات الخيال العلمي و مصاصي الدماء منها الى زورو (رجل العدالة). فما ان نزل فيلم «بداية الوطواط «عام 2005 الى الصالات السينمائية حتى رأى العالم مشاهد مخيفة لجنون القتل و الارهاب الاعمى و الفوضى و العنف الامريكي حيث تجلى ذلك بأبشع حلة في مجتمع اليانكي بعيد أحداث 11 أيلول 2001. و تدفقت الى واجهات المكتبات منذ ذلك التاريخ ظواهر القتل و الارهاب و العنف بشكل أساسي في «عودة الفارس الاسود» للكاتب فرانك ميلر عام 2009. أيضا «الوطواط السنة الاولى» للكاتب المذكور و«الجوكر القاتل» ل «الان مور» ونشر على شكل مجلد كوميكس، اما على الصعيد السينمائي فقد انطلقت تلك الموجة من الاعمال الفنية الخاصة بتلك الشخصية عام 1989 مع تيم بورتون مخرج الوطواط «باتمان» تلاه الجزء الثاني من هذا الفيلم وعنوانه «التحدي» نفذه بورتون عام 1991 لتجتاح اواخر تموز الماضي من هذا العام مغامرة جديدة للوطواط هي «غضب الفارس الاسود» اخراج كريستوفر نولان وبطولة كل من كريستيان بال و جيري اولدمان و توم هاردي وان هاثوي .. و كان الوطواط قد تعرض في فيلمه ما قبل الاخير لملاحق كلاب بوليسية بعد أن تحول الى الرقم واحد لمدينة غوثام حيث تجري احداثه و لم يكن خروج الوطواط على القانون بريئاً فقد طردته المدينة من مجتمعها و تحمل هذا الفارس الاسود مسؤولية أخطاء دنيت علما ان هذا الاخير يخفي اجرامه و شراسته تحت قناع رجل العدالة لينطلق الجزء الجديد من تلك القصة التي توقفت قبل ثماني سنوات من الآن عندما يكتشف المفتش غوردون مؤامرة تهدف الى تدمير المدينة من الداخل فيستنجد بالوطواط الذي تقاعد انذاك و سرعان ما يعود هذا الفارس الى لباسه الاسود محاولا معرفة من يقف وراء احداث العنف التي تجتاح غوثام سيتي وعندها يواجه الوطواط «بن» زعيم مجموعة ارهابية تستأجر قراصنة لتعيث فسادا و تدميرا في تلك المدينة تحت ذريعة القيام بثورة شبيهة بالثورة البولشيفية و تصخب مشاهد الفيلم بالمتفجرات و التدمير و القنص و الجاسوسية و قد نجح كريستوفر نولاند و هو مخرج بريطاني يعمل بالتعاون مع هوليوود في نقل ما يجري على ارض الواقع في الشرق الاوسط الى السينما حتى ان احد مشاهدي الجزء الثالث من الوطواط في كولورادو تسلح برشاش و راح يطلق الرصاص على المتواجدين في الصالة السينمائية على غرار ما يفعل الوطواط في الفيلم و كانت النتيجة خمسين جريحا ودزينة قتلى من بينهم طفلة عمرها 6 سنوات واكتشف رجال الشرطة وجود مخازن أسلحة و متفجرات في منزل القاتل علما ان اعداء الفارس الاسود في الفيلم يستخدمون أسلحة كالتي استخدمها هذا المريض النفسي كالغاز و البنادق الاوتوماتيكية لازالة غوثام سيتي عن الخارطة. و لا يتورع الفارس عن ارتكاب جريمة قتل اعدائه وصولا الى ممارسة سادية تقشعر لها الابدان لتحقيق غايته كما كتب عنها النقاد حول الفيلم الجديد. سادية امتهنها دراكولا منذ ظهوره على الشاشة عام 1931 و احترفتها مجتمعات غربية استهلاكية فتكاد غوثام تشبه نيويورك الى حد كبير. سادية كوارث تفتعلها مرتزقة و عصابات مجرمة تحمل اسماء خارجة من مجاري الصرف الصحي والقبور كالشرير في الفيلم الذي يدعى رأس الغول وجماعته الذين يفرغون المصارف من اموالها ويحرقون المشافي و يدمرون بوحشية كل شيء في طريقهم لتغدو تلك الافلام مرآة عنف الانسان الغربي المعاصر و صورة الشر المتأصل في لاشعوره. |
|