تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


يداك أوكتا و فوك نفخ

آراء
الخميس 20-9-2012
الشيخ حسن حيدر الحكيم

(يداك أوكتا وفوك نفخ) مثلٌ عربيٌ مشهور و يُقال لمن صنع بيده وبلسانه أمراً سيئاً فادحاً فارتد ضرره عليه .. وربما كان معنى قوله تعالى :

( وجعلنا كيدهم في نحرهم ) أكثر توضيحاً وقد حضر هذا المعنى القرآني وهذا المثل العربي إلى ذهني وعقلي عندما تابعت على الشاشات الفضائيّة ما حدث في ليبيا ومصر ودول ما يسمى بالربيع العربي عندما هوجمت السفارات الأمريكية . بل وأثار في نفسي الضحك و الشماتة ارتباك الفضائيّات العميلة وخاصّةً الجزيرة و العربيّة ومحاولتهما لملمة الفضيحة التي عبّرت عنها هيلاري كلينتون عندما قالت :( الغريب و غير المفهوم أن يقوم ناس ساعدناهم ووقفنا معهم بالهجوم علينا وقتل السفير و بعض الموظفين ) ، طبعاً هي تعترف أنّ ما سمته الوزيرة عصابة من الأشرار و الإرهابيين هو من صنعها وصنع إدارتها ودعمها ودعم إدارتها ،وهي وأقصد الوزيرة الأمريكيّة العتيدة وإدارتها و أذناب إدارتها في المنطقة قد صدّروا لسورية قسماً لابأس به من هؤلاء الأشرار الإرهابيّين كما أسمتهم بعضمة لسانها الوزيرة العتيدة و الغريب أنها تستغرب أن يتذوّق طبّاخ السم سّمه .. ورحم الله والدي الذي كان يقول في كل مناسبةٍ يرى فيها تكاثر الظلم والظالمين على بريءٍ : ( ما إلك أب !! ولكن إلك رب ) فسبحانه وتعالى دون شك خير كاشفٍ لأكاذيب الجزيرة و تلفيقات العربيّة كما أنه سبحانه وتعالى أعلم و أخبر بدعوات أولئك الإمع الخونة في الخليج للحريّة و الديمقراطيّة ؟! وهي لعمري من النكت التي سيتندّر بها التاريخ طويلاً كأن يدعوك الأخرس لتعلّم النطق ! فالذي خصص لدورة رياضيّة ما يكفي للقضاء على الكيان الصهيوني ويحيل كل فقير عربي إلى غني و يبني آلاف المعامل والمصانع ويوفّر ملايين فرص العمل لشعوب أمّته يأتي اليوم ليقف منافحاً عن مبادئ الديمقراطيّة و ليس في بلاده أثر لأي برلمان أو سلطة محليّة ولا يوجد مسؤول أو وزير أو .. إلاّ إذا كان من العائلة الحاكمة .‏

المهم أن الوزيرة الأمريكيّة المفجوعة بسفيرها وبموظفي سفارتها الذين كانوا من صنّاع هؤلاء التكفيريين الأشرار كما سمّتهم تستغرب أشد الاستغراب من ارتداد كيدها وكيد إدارتها إلى نحرها ونحر إدارتها وقد رافق هذا الاستغراب ارتباك طريف و كوميدي من قبل الجزيرة والعربيّة وأخواتها حول كيفيّة موت السفير!! فعندما نشر الأنترنت الفيسبوك واليوتيوب ثم تناقلتها الفضائيّات المختلفة صورةً للسفير الأمريكي وقد طرحه أحدهم أرضاً والبعض يحاول حمله و التسريبات عن الاعتداء عليه جنسياً بكل قباحة و صفاقة طبعاً وهذا فعلٌ يدينه ويشجبه أي عاقل ، راحت الجزيرة والعربيّة لتجميل الفضيحة طبعاً وبالتشاور مع الوزيرة العتيدة فقالوا أنّ السفير مات مختنقاً بالدخان وتكرر الخبر مراراً وتكراراً .. يعني يحاولون تخفيف موتة السفير و تهوينها وتهوين فعلة المهاجمين المنكرة ، ليس طمساً للحقيقة لاسمح الله كما دأبت هذه الفضائيّات العميلة ، بل تخفيفاً للشماتة و لرد فعل المتحمسين لأي هزيمة تلحق بأمريكا في المنطقة وهم أكثر من نجوم السماء و أكثر من عدد شعر الرأس فالحقيقة المرّة التي يخفيها عملاء أمريكا والصهيونيّة من قادة ووسائل إعلام مأجورة عميلة تفيد بأن الإدارات المتعاقبة على الحكم في الولايات المتحدة الأمريكيّة أقحمت نفسها وأقحمت شعبها بعداوات طويلة وعريضة ولا تقف عند حد مع عددٍ كبير من شعوب المنطقة وكلُّ ذلك إرضاءً للصهاينة الاسرائيليين ، فهي تمضي في تنفيذ أجندتهم دون أن تأبه بمصير علاقة الشعوب بشعبها ولا بمصالح شعبها .‏

إن عجز الأمريكان عن بناء علاقة متينة مع بلدٍ من البلدان إلاّ من خلال قادةٍ عملاء خونة لشعوبهم أو مجموعات إرهابيّة صنعت في مخابر أجهزتها الاستخباريّة جعل من الأمريكان العدو المفترض في مخيّلة كل إنسانٍ حر ولكن ما لم يكن في حسبان الأمريكان أن أكثر شخصٍ تلدغه الأفاعي هو الشخص الذي يربّيها ، وأنّ هذه المجموعات الكثيرة من الأشرار الإرهابيين التكفيريين لن يقبلهم الشارع العربي لمعرفته المسبقة بارتباطاتهم مع الأمريكان والصهاينة والغرب وأنهم أي التكفيريين المضطرّون اللاهثون لكسب بعض الشعبيّة لا بدّ لهم من الإنقضاض بين الفينة والأخرى على اليد التي ربتهم وسلّحتهم ، خطباً لود المواطنين وتعاطفهم ، وأن ما مكرته أمريكا من صناعةٍ متقنةٍ للحشود المشبوهة التي رعتها أجهزة الإعلام المأجورة من مباراة مصر والجزائر إلى ثورات الربيع العربي التي دأبت على تدمير البلاد وقتل وقهر العباد وإغلاق الأنفاق على أهل غزّة !! بدلاً من التحرر والرخاء والتنمية وبرامج العمل الوطنيّة و دعم شعب فلسطين وغزّة وكل مظلوم ! وإدعاء أمريكا وأذنابها أنّ هذه الحشود المشبوهة هي ثورات تحرر!! سينقلب عليها وبالاً .. فكل عربي مسلم وكل مؤمن بالله على وجه الأرض يعرف أن من ينتهك حرمة ميّت بأن يغتصبه جنسياً كما حصل مع السفير الأمريكي ، لا يمكن أن يكون عنده غيرة ولا واحد بالمليون للرسول الأطهر (ص) والرسول الأعظم محمد (ص) الذي شهد له القرآن والرحمن أنه :( لعلى خلقٍ عظيم) بريء كل البراءة من هؤلاء .‏

فلتنعم أمريكا والمنطقة بمن سلّطتهم من حشود التكفيريين والإرهابيين على ثورات الربيع العربي فافترسوها وتحالفوا مع الصهاينة والأمريكان فاستولوا على السلطة التي كان مراداً لها من قبل الشعوب أن تكون سلطة الشعب الحر المتحرر و التي تفتح آفاق النور أمام الشعب ، نعم فلتنعم أمريكا ومن معها بنتائج ما عملت وقد راحت تصدّر المجرمين القتلة إلى بقيّة البلدان ليقتلوا فيها ويدمروها كما حصل في سورية ، فإنّ الله جاعلٌ كيدهم في نحرهم ، ونحن في سورية العروبة ، سورية الأصالة ، سورية الحضارة لا تنطلي علينا هذه التهويلات بمواقف تشبه فقاعات الصابون تكبر وتكبر ثم تختفي ولا يبقى لها أثر ونكتفي بالتساؤل أين كانت هذه الحشود البشرية الغاضبة من تهويد القدس ؟! وهل رأت هذه الحشود الغاضبة أن تهويد القدس أولى القبلتين تكريم للرسول الأطهر (ص) أم إهانة ؟! أين كانت هذه الحشود الخارجة ولاءً لرسول الله (ص) من صرف ثمن النفط العربي الذي منّ الله به على شعوب المنطقة في أطهر بقاعه على الملذّات والمواخير وعلب الليل الأوروبيّة ... وترك أهل غزّة يموتون جوعاً ؟! أكل هذه الغضبة حقاً هي انتصارٌ لرسول الله (ص) ؟! ولماذا لم تنتفض هذه الحشود الغاضبة رفضاً لتدنيس المحتل الصهيوني للصخرة الشريفة التي أمّ بها الرسول الأعظم (ص) كل الأنبياء والمرسلين أم أنّ هذه الحشود ترى أن تدنيس الصخرة الشريفة في القدس الشريفة ليس إساءة لرسول الله ؟! أين هذه الحشود المحتشدة من اغتصاب الصهاينة في فلسطين للفلسطينيّات الطاهرات و من تشريد أسرهنّ ومن قطع أشجار الزيتون و نسف البيوت و... وهل هذا كلّه تكريمٌ للرسول (ص) أم إهانة له ؟! ..‏

نعم إنها غضبة الحشود المشبوه التوجيه .. على من صنّع طريقة غضبها وطبيعة حركتها .. فيا وزيرة الخارجيّة الأمريكيّة العتيدة نقولها لك بصدق : ( يداك أوكتا وفوك نفخ ) .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية