تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


نافذة .. مايجري أمام السفارات الأميركية ليس غضباً..!

آراء
الخميس 20-9-2012
سليم عبود

مايحدث في الشوارع العربية والإسلامية من ردود فعل   على منتجي  فيلم «براءة المسلمين»،  وعلى الإدارة الأميركية التي أنتجت  الفيلم  لاأقول برعايتها، بل في فيء  مظلتها السياسية،  والثقافية،

يمكن تسميتها بـ «ردود فعل مؤقتة»،  وهي خاصية عربية، وإسلامية، تشتعل في لحظة، وتنتهي.‏

ليس في تاريخ العرب، والمسلمين  منذ قرون طويلة، حدث واحد يؤسس  لموقف يمكن البناء عليه  في العلاقة مع الغرب الاستعماري، حتى القضية الفلسطينية، تحولت من قضية وجود إلى خطاب  يفتقر إلى موقف جامع للعرب والمسلمين، إن لم نقل تحولت إلى «بازار»  سياسي للعبور إلى الصهاينة المحتلين عبر الشرايين الأميركية.‏

ليس أصحاب الفيلم وحدهم أساؤوا للعرب والمسلمين؟!‏

  ‏

مايجري أمام السفارات الأميركية  لايمكنني أن أسميه  غضباً، مايحدث حالة هياج  أثارته لحظة راهنة، كما تثير  هبة ريح زوبعة في الرمل  ..ليت مايحدث  اليوم  أمام السفارات الأميركية والغربية يتحول إلى غضب حقيقي   ليس على الغرب وحده، وإنما على الذين  يرتدون عباءة الإسلام لتفكيك  العرب و الإسلام والمسلمين.‏

عادة.. الغضب  لدى الشعوب الحية الواعية الحريصة على كرامتها وثوابتها  نتاج  موقف واع ينهض بالجماهير لتأسيس  مشروع تتفاعل فيه المشاعر والأهداف.‏

ما هدف هذا   الهياج أمام السفارات الأميركية..‏

هل سيدفع بالعرب والمسلمين إلى حالة من اليقظة والوعي، لتشكيل مواقف في وجه السياسات الغربية والأميركية والصهيونية، أم إنه سيستمر لأيام قليلة كما يحدث عادة منذ نكبة فلسطين، إلى نكبة العراق، إلى كل النكبات العربية، ثم تعود الأمور إلى نقطة البداية وكأن شيئاً لم يحدث؟!‏

  ‏

نحن العرب والمسلمين  نقرأ الأحداث  بعين اللحظة الراهنة، نتجاهل الأسباب التي تأخذنا إلى الهاوية..‏

ببساطة شديدة، يبدو أن القراءة المسطحة مبثوثة في فكرنا، وثقافتنا، وسلوكنا  منذ أن قبض العثمانيون على عقولنا قبل خمسمئة سنة وإلى الآن.‏

هل نستطيع القول إننا نحن العرب منذ بداية القرن العشرين وإلى الآن استطعنا أن نحدد موقفاً  من الجهات التي تعمل على تفكيكنا، وتهميشنا؟!..‏

ببساطة.. نتيجة تلك الهشاشة في التفكير والسلوك  لم نستطع إلى الآن أن نبني دولة الوحدة، ولا موقفاً وحدوياً على صعيد السياسة، ولا على صعيد الاقتصاد، ولا على صعيد الفكر والثقافة والدين، على الرغم من امتلاكنا للأرضية التي يمكن أن يقوم عليها الموقف الوحدوي «الإسلام».‏

أين الجامعة العربية اليوم التي  اتفق أمراؤها لأول مرة على قضية تضر بالعرب والمسلمين، القضية السورية، لماذا؟ لأن هذا الاتفاق تقف وراءه أميركا و«إسرائيل».. أين منظمة  المؤتمر الإسلامي التي أخرجت سورية منها، لأن سورية مصرة على تمسكها بالثوابت القومية والعروبية وبالقضية الفلسطينية.. فلتتحرك الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي على الأقل بربع الحماسة التي تتحرك به  كل منهما ضد سورية.‏

  ‏

البارحة كانت في القراءة السياسية  سورية دولة مقاومة وممانعة، ومواجهة..‏

في لحظة، استطاعت جماعات الفتاوى، والأموال قلب الصورة.‏

ليت واحداً مثل القرضاوي  أفتى بحرمة اغتصاب السوريات في مخيمات اللاجئين..ليته أفتى بوقف المتاجرة بأعراضهن وعبر الصحف الخليجية،   ليت أحدهم  قال بوقف الإعلانات التي تدعو إلى اغتصاب السوريات تحت عنوان: «جهاد الشهوات»... هل  بات اغتصاب السوريات جهاداً...؟!‏

تقتلون السوريين، وتتحدثون عن فيلم « براءة المسلمين»؟!!‏

  ‏

العالم العربي اليوم أشبه بمسرح الدمى..‏

هناك دمى، وهناك أصابع، تحرك الدمى..‏

والهدف تفكيك العالم الإسلامي، وتفكيك المسلمين، وتفكيك الدين الإسلامي، والقيم الإسلامية، والتاريخ والجغرافيا والوجود الحضاري والثقافي للإسلام، أليست تلك الأحداث صناعة أميركية - صهيونية كالفيلم المسيء للمسلمين وللنبي محمد (ص)؟!‏

استطيع الجزم أن مايجري اليوم تحت عنوان « الربيع العربي » أكثر إساءة من الفيلم،  لأنه يتناول وجود أمة، ودين، وتاريخ، وقيم وأرض.‏

العرب والمسلمون اليوم أمام  حرب وجود، تستهدف إخراجهم من التاريخ نهائياً..وهذا يحتم سؤالاً:‏

هل نفكر كعرب ومسلمين كيف سنواجه حرب الوجود التي تستهدفنا جميعاً بكل مذاهبنا، وأطيافنا، وأعراقنا؟!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية