|
نيزافيسمايا كتب مدير معهد الولايات المتحدة وكندا التابع لأكاديمية العلوم الروسية( سيرجي روغوف) قائلاًَ: عندما قررت الإدارة الأميركية شن الحرب ضد العراق, كانت تنظر إلى ذاك البلد بأنه الحلقة الأضعف في( محور الشر) المصنف أميركياً لكل من( كوريا الشمالية- ايران- العراق) واعتبرت إسقاط النظام هناك, كفيلاً باظهار قدرة الولايات المتحدة على دحر أي دولة تجرؤ على تحدي هيمنتها العالمية. إضافة إلى قدرتها على بسط سيطرتها التامة على ثروات الشرق الأوسط, من خلال التسويات التي ستلي الاحتلال أو في أثنائه. صحيح أن الولايات المتحدة حققت نجاحاً عسكرياً في البداية, واحتلت القوات الأميركية العراق في غضون أسابيع, إلا أن الأمور انقلبت عليها لاحقاً وواجهت قوات الاحتلال مقاومة شرسة ولاتزال, وكان لحرب العصابات التي انتشرت في المدن العراقية وملامح الحرب الأهلية المستمرة في حصد الأرواح وزرع الخوف والفوضى وعدم الاستقرار أثر سلبي وعجزت قوات الاحتلال عن بسط السيطرة الأمنية كذلك الأمر با لنسبة للحكومة العراقية, وعجزت عن تحقق المصالحة بين المجموعات المتناحرة بمختلف مذاهبها. ورغم تواجد قوة عسكرية أميركية ضاربة يزيد تعدادها على 140 ألف جندي وضابط, يساندهم أكثر من 100 ألف متطوع عراقي ونحو 30 ألف جندي من قوات التحالف المتعددة الجنسيات لم يستطع ذلك كله خلق مناخ آمن طيلة السنوات الماضية وفشلت إدارة بوش في احراز أي نصر سياسي , بل وجدت نفسها في وضع أشبه بالكارثة الفيتنامية التي لن ينساها الأميركيون أبداً. وفي محور الحديث عن أسباب الفشل ذاك, فيمكن ملاحظة بعض القضايا التقنية إضافة إلى الوضع السياسي وإشكالية الملف بشكل عام, منها عدم توافر القوات المطلوبة لتنفيذ المهمة الاحتلالية علماً أن قوات العمليات الاحتلالية التي يجب أن تنفذ العمليات الحربية خارج الولايات المتحدة تشكل حوالى 90% من مجموع أفراد القوات العسكرية الأميركية إلا أن قسماً كبيراً منهم لايقدرون على تنفيذ المهام ولا يقتنعون بها أو الأصح لايجيدون الخدمة المثالية,ناهيك عن أن قسماً كبيراً يشكل حوالى 15% من مجموع أفراد القوات الأميركية في العراق هم من النساء, والغالبية العظمى من المتعاقدين المجندين الجدد. أمامصير قوات الاحتلال في العراق, فيرى الباحث أن المرحلة الختامية لهذه الحرب ضد العراق, قد تستغرق 4 أعوام من بعدها يتوقع أن يبدأ الانسحاب خلال الأشهر القليلة القادمة, ويمكن أن ينقل جزءاً من القوات في العراق إلى بلدان أخرى في الشرق الأوسط إلى مناطق يراد عرقنتها إضافة إلى خطوات دبلوماسية تهدف إلى اشراك أطراف عديدة في العملية السياسية في العراق. ورغم الفشل الواضح للغزو الأميركي, والتحذيرات والرفض ونتائج الانتخابات الأخيرة وموقف الداخل الأميركي والموقف العالمي, فإنه مقدر ألا تستفيد الإدارة الأميركية من أسباب الفشل, مما سيؤدي إلى الحد من تأثير واشنطن على تطورات الأوضاع في العالم وقدرتها على خوض حرب واسعة خلال الأعوام العشرة القادمة, وإضعاف الدور الأميركي في زعامة الاقتصاد والسياسة العالمية, وهذا سيترافق مع تشكل نظام القطبية المتعددة, الذي يمكن أن يترافق مع فوضى عالمية, إذا لم يتشكل نظام أمني دولي جديد. وقد يمهد فشل الولايات المتحدة في العراق لانسحاب قوات الناتو من أفغانستان وانتشار ظاهرة التطرف في ا لعالم الاسلامي وتنامي الارهاب وظهور دول نووية جديدة وفي هذا المشهد فإن روسيا تهتم جيداً بتوفير الاستقرار في المناطق المتاخمة لحدودها وإنشاء آليات متعددة الأطراف للحفاظ على الأمن, وتفعيل دور القوى الرئيسية اقليمياً ودولياً مع البحث الجاد في التوصل إلى آليات جديدة لمراقبة التسلح ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل, والعودة إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة بدور فاعل وحقيقي, دون الخوض في تسييس القضايا بناء على مصلحة الهيمنة الأميركية. |
|