|
لوفيغارو في سبيل تشكيل حشد دولي واسع إلى جانبها في مسألة اقليم دارفور السوداني بالفشل.حيث فشلت الدبلوماسية الأميركية لغاية الآن في فرض إرادتها,وإيجاد تسوية بشروطها تحت صيغة (صنع في أميركا) للأزمة المفتعلة في هذا الاقليم المترامي الأطراف الواقع إلى الغرب من السودان وتجلت آخر مصاعب واشنطن في شق طريق لدخول قوات دولية تتدخل في هذا الإقليم تحت مسمية ( اجتثاث المأساة الإنسانية)برفض الخرطوم القبول بقوات مؤلفة من قوات أممية (تابعة للأمم المتحدة) وقوات إفريقية (تابعة للاتحاد الإفريقي). ويرى خبراء أميركيون ينتمون إلى مختلف (بنوك الأفكار) الأميركية أن سبب الفشل الأميركي الذريع في مسألة دارفور يعود إلى عاملين رئيسين الأول هو عدم ملاءمة الاستراتيجية الأميركية لهذا الغرض,و الثاني يعود إلى الأسلوب الحكيم الذي افلح من خلاله الفاعلون على الساحة الدولية,وفي مقدمتهم الحكومة السودانية في الإمساك جيدا بخيوط هذا الوضع المعقد وحالوا دون تحقيق واشنطن لأهدافها في نشر قوات دولية بدلا من القوات الإفريقية. ورأى خبراء سياسيون من وراء الأطلسي أن الرياح أتت عكس ما تشتهيه السفن الأميركية,فقد انحرف الحشد الأميركي الواسع المعتمد على مؤسسات اعلامية عن مساره المراد.وفي هذا الصدد كتب كل من ستيفن موريسون وتشيستر كردكر من المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية في مطلع شهر تشرين الثاني المنصرم في صحيفة واشنطن بوست(لم يكن الحشد الأميركي من أجل التمهيد لتدخل عسكري تقوده الولايات المتحدة في دارفور أكثر من عملية إلهاء طوباوية,لم يؤد إلى نتيجة) وتابعا القول (إن الشعارات لا تصنع سياسة خارجية حسنة)وداعياً واشنطن إلى التخلي عن موقفها من أجل اتخاذ مبادرات من شأنها سد جميع المنافذ بطريقة واقعية على الخرطوم,مثل فرض وقف اطلاق النار في الأقليم,حماية ممرات المساعدات الإنسانية,تشكيل قوات مشتركة أممية و إفريقية,نزع سلاح الميليشيات المسلحة,و المباشرة بإجراء حوار سياسي حول دارفور. ولكن يأسف الخبراء إلى أن أيا من تلك المبادرات لم تسع إليها واشنطن,مفضلة إلى جانب الأمم المتحدة حصر المفاوضات بين الخرطوم وجنوب السودان على حساب دارفور لتأزيم الوضع أكثر في الأقليم. ومن جهته,أدلى وزير الخارجية الأسبق كولن باول بدلوه في تلك القضية مهولا من الوضع إلى حد وصفه (بالمجزرة),دون أن يلقى وصفه وتهويله هذا أي صدى لدى الأسرة الدولية,ففي أواخر شهر كانون الثاني من العام المنصرم استنكرت لجنة تحقيق دولية تابعة للأمم المتحدة ما اسمته( جرائم ضد الإنسانية) معتبرة مع ذلك,أن الخرطوم (لم تنتهج سياسة إجرام). ومن المؤكد أنه وبعد استخدام الولايات المتحدة لحجة واهمية لا أساس لها بذريعة امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل من أجل شن حربها عليه,تأكدت المصداقية الأميركية في تناولها لمسألة التدخل في دارفور.ويتساءل الكثير من الخبراء هل يمكن لواشنطن بعد حرب عام 2003 على العراق التدخل في بلد اسلامي?حيث يصطدم هذا المشروع,بالإضافة إلى القيود المرتبطة باتساع مساحة السودان الشاسعة والبعيدة جدا,إذ تبلغ مساحتها مساحة فرنسا,والمتلاقية مع المصاعب السياسية الكبيرة,بعقبات كثيرة ما زالت بحاجة إلى إزالتها,ويلخص أحد الخبراء هذا الوضع بالتساؤل (من الذي يريد أن يموت في دارفور?). واستخدم من جانبه الرئيس السوداني عمر البشير كافة الأوراق التي بين يديه بذكاء وحنكة سياسية كبيرة,فهو العارف تماما بالمصلحة الأميركية في علاقاتها مع السودان,وكذلك عرفت الخرطوم استغلال الانقسام الدولي القائم لمصلحتها.ويعلق أحد مستشاري الرئيس بوش سباقا مايكل.ج غيرسون بالقول:(( فشل بوش في مواجهته مع السودان في تشكيل جبهة موحدة تضم عربا وأفارقة)). وتعتبر كل من الصين وروسيا ورقتين رابحتين في يد الخرطوم.حيث تبلغ حصة بكين من الشركات النفطية المستثمرة في السودان 40%,وبالتالي فإن الصين تستجر 7%من حاجتها من الذهب الأسود من السودان إضافة إلى بيع روسيا السلاح إلى الخرطوم,وبالتالي فقد عمل الروس و الصينيون على عرقلة الجهود المبذولة في مجلس الأمن الرامية إلى زيادة الضغوط على السودان. |
|