|
هاآرتس الواقع السياسي في إسرائيل ويقود إلى زعزعة موقع رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت وجعل الأرض تميد تحت أقدامه. الأمر الذي دعاه للحؤول دون تشكيل لجنة رسمية تهدف إلى التحقيق في أسباب فشل الحرب الثانية على لبنان تحسباً مما قد يصدر عنها من أمور قد تطوله مؤثراً الاكتفاء بما ستخلص إليه لجنة وينوغراد التي تم تشكيلها للتحقيق في هذا الموضوع والتي من المحتمل أن تحمله المسؤولية كاملة عما لحق بإسرائيل من خسائر جمة جراء تلك الحرب. إن السبيل الوحيد إلى عدم مساءلته عما حصل من فشل عسكري وسياسي وإلى عدم خضوعه إلى التحقيق, يكمن في القيام بتنازلات اقليمية تشكل له مخرجاً يمكنه من المحافظة على مكانته ومنزلته بدلاً مما قد يتعرض له من اقصاء عن منصبه وربما مثوله أمام القضاء على غرار ماتعرض له سلفه آرئيل شارون في السابق. فقيام أولمرت بمعالجة بعض القضايا الإقليمية سيقود إلى حجب الرؤية عن الفشل الذي لحق به وطي كافة الملفات التي فتحت بحقه, وتجاوز الاساءات المرتكبة في الصفقات الغامضة التي عقدها. لقد تم تجاوز ما اخترقه شارون من آثام في لبنان بعد أن اتخذ مواقف بشأن المستوطنات والجماعات اليهودية, أما أولمرت فبإمكانه أن يحصل على تأييد من أجهزة الاعلام في البلاد في ضوء ماهو معروف من كون الكثير من المخالفات القائمة قد ارتكبت من قبل سلفه شارون دون أن تكون له علاقة بها. لكن حلماً لو تحقق فإنه سيكسب أولمرت تأييداً منقطع النظير ألا وهو الاستجابة لدعوة الرئيس السوري بشار الأسد لإجراء محادثات سلام مع إسرائيل. لكن مايدعو للاستغراب وما تعذر علينا فهمه هو ألا يدرك ايهود أولمرت مدى أهمية تلك المعجرة التي كان يتعين عليه التمسك بها لما تتيحه من منفذ ينقذه من المعضلات التي يعاني منها. أخبر رئيس الموساد لجنة الدفاع والشؤون الخارجية في الكنيست بأن للسوريين شروطاً مسبقة لكن على أولمرت عدم رفض الحوار مع الأسد وعليه أن يدقق ملياً في النوايا السورية, وألا يكتفي بما يصدر عنهم من أقوال. وفي كل الأحوال فإن التصريحات السورية تتطلب رداً إسرائيلياً مدروساً, إذ لو أن أولمرت قد رد عليها بشكل ايجابي عندها سيصبح مقبولاً من أصحاب الشأن, وسيتمكن من البقاء في منصبه وسيكسبه تأييداً من فئات متعددة. لكن عليه أن يعلم بأن الدخول في هذا الحوار سيقود إلى بحث موضوع التنازل عن الجولان و إنرفضه الحوار مع السوريين يعود إلى أسباب واهية وغير مقنعة ويظهر ذلك جلياً عندما أعلن أمام بلير بأن هناك مطالب وشروطاً يتعين تنفيذها قبل اجراء مفاوضات مع سورية مثل( التوقف عن دعم حزب الله وحماس). اطلع أولمرت على آراء الأشخاص الذين باستطاعتهم تقرير مستقبله السياسي وذلك عبر مجموعة من المقالات التي تنشرها وسائل الاعلام, والتي تقول بأنه يتعين على أولمرت الرد بإيجابية على السوريين, حتى ولو عارضت الولايات المتحدة ذلك. ومن منظور أولئك الساسة ليس هناك من سبب يحول دون اعادة مرتفعات الجولان إلى سورية وهدم ما أقيم من مستوطنات إن كانت رغبة السوريين بالسلام رغبة حقيقية. من المستغرب ألا يقوم رجل سياسي بانتهاز الفرصة للمحافظة على مكانته والتخلص من المشكلات القانونية التي وقع بها فضلاً عن أن قيام مفاوضات مع سورية سيجعل لجنة وينو غراد تحجم عن اقتراح يرمي إلى اتخاذ أي اجراء بحق رئيس مجلس الوزراء إبان إجراء مثل تلك المحادثات. ولاشك أن أجهزة الاعلام التي لأولمرت الكثير من الأصدقاء فيها سيدعمون مايقدم عليه وسيقدمون له كل مساعدة ومساندة بسرور بالغ. يقول البعض إن المصالح الأميركية هي السبب الرئيس في عدم استجابة أولمرت لإجراء حوار مع سورية, وهذا القول تنقصه الدقة إذ إن الأميركيين لم يسبق لهم أن عارضوا أيه خطوة تقود لانسحاب إسرائيلي, ويؤكد ذلك حماسهم في تطبيق اتفاقية أوسلو. وعليه فإن عدم اجراء محادثات مع سورية ورفض مبادرتها يعد أمراً خطيراً على إسرائيل وعلينا أن نغتنم هذه الفرصة التي نحلم بها منذ أمد بعيد. |
|